شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٣٧
لقيه كما يلقى الركبان من قبل، فسأله فأخبره، فجعل يقول: يا عبد الله، إيه! حدثني!
فيقول له: هزم الله العدو، وعمر يحث معه، ويسأله وهو راجل، والبشير يسير على ناقته ولا يعرفه، فلما دخل المدينة إذا الناس يسلمون عليه باسمه بأمرة المؤمنين ويهنئونه فنزل الرجل، وقال: هلا أخبرتني يا أمير المؤمنين رحمك الله! وجعل عمر يقول: لا عليك يا بن أخي، لا عليك يا بن أخي!.
* * * وروى أبو العالية الشامي، قال: قدم عمر الجابية على جمل أورق (1)، تلوح صلعته، ليس عليه قلنسوة، تصل رجلاه بين شعبتي رحله بغير ركاب، وطاؤه كساء أنبجاني (2) كثير الصوف، وهو وطاؤه إذا ركب، وفراشه إذا نزل، وحقيبته نمرة محشوة ليفا هي حقيبته إذا ركب، ووسادته إذا نزل، وعليه قميص من كرابيس (3) قد دسم وتخرق جيبه فقال: ادعوا إلي رأس القرية. فدعوه له، فقال: اغسلوا قميصي هذا وخيطوه وأعيروني قميصا ريثما يجف قميصي، فأتوه بقميص كتان، فعجب منه، فقال: ما هذا قالوا: كتان. قال: وما الكتان؟ فأخبروه، فلبسه ثم غسل قميصه، وأتى به فنزع قميصهم ولبس قميصه، فقال له رأس القرية: أنت ملك العرب، وهذه بلاد لا يصلح بها ركوب الإبل، فأتى ببرذون (4)، فطرحت عليه قطيفة بغير سرج فركبه فهملج (5) تحته فقال، للناس: احبسوا، فحبسوه فقال: ما كنت أظن الناس يركبون الشيطان قبل هذا! قدموا لي جملي فجئ. به فنزل عن البرذون وركبه.

(1) الأورق من الإبل: ما في لونه بياض إلى السواد. وقالوا: هو من أطيب الإبل لحما، لا سيرا وعملا.
(2) أنبجاني، منسوب إلى منبج، على غير قياس.
(3) الكرابيس: جمع كرباس، وهو الثوب الخشن، معرب (كرباس) بالفارسية.
(4) البرذون: ضرب من الدواب دون الخيل وأقدر من الحمر، يقع على الذكر والأنثى.
(5) هملج البرذون: مشى مشية سهلة في سرعة، والهملجة: حسن سير الدابة.
(٣٧)
مفاتيح البحث: الغسل (1)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281