شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٦
ثم لا تنظر هل وفوا لك بشروط أم لا؟ قال: وما ذاك؟ قال: عاملك على مصر اشترطت عليه فترك ما أمرته به، وارتكب ما نهيته عنه، ثم شرح له كثيرا من امره. فأرسل عمر رجلين من الأنصار، فقال لهما: انتهيا إليه، فاسألا عنه، فإن كان كذب عليه فأعلماني وان رأيتما ما يسوءكما فلا تملكاه من امره شيئا حتى تاتيا به، فذهبا فسألا عنه فوجداه قد صدق عليه، فجاءا إلى بابه فاستأذنا عليه، فقال حاجبه: انه ليس عليه اليوم اذن قالا: ليخرجن إلينا أو لنحرقن عليه بابه وجاء أحدهما بشعلة من نار فدخل الاذن فأخبره فخرج إليهما، قالا: انا رسولا عمر إليك لتأتيه، قال: ان لنا حاجة، تمهلانني لأتزود قالا: انه عزم علينا الا نمهلك، فاحتملاه فأتيا به عمر، فلما اتاه سلم عليه فلم يعرفه، وقال: من أنت؟ وكان رجلا أسمر، فلما أصاب من ريف مصر ابيض وسمن فقال: انا عاملك على مصر، انا فلان، قال: ويحك! ركبت ما نهيت عنه، وتركت ما أمرت به! والله لأعاقبنك عقوبة أبلغ إليك فيها، آتوني بكساء من صوف وعصا، وثلاثمائة شاة من غنم الصدقة، فقال: البس هذه الدراعة (1)، فقد رأيت أباك وهذه خير من دراعته وخذ هذه العصا فهي خير من عصا أبيك، واذهب بهذه الشياه فارعها في مكان كذا - وذلك في يوم صائف - ولا تمنع السابلة من البانها شيئا الا آل عمر، فإني لا اعلم أحدا من آل عمر أصاب من البان غنم الصدقة ولحومها شيئا.
فلما ذهب رده، وقال: أفهمت ما قلت! فضرب بنفسه الأرض، وقال يا أمير المؤمنين، لا أستطيع هذا، فان شئت فاضرب عنقي، قال: فان رددتك فأي رجل تكون؟
قال: والله لا يبلغك بعدها الا ما تحب. فرده، فكان نعم الرجل. وقال عمر: والله

الدراعة، كرمانة: جبة مشقوقة المقدم، ولا تكون إلا من صوف
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281