ثم لا تنظر هل وفوا لك بشروط أم لا؟ قال: وما ذاك؟ قال: عاملك على مصر اشترطت عليه فترك ما أمرته به، وارتكب ما نهيته عنه، ثم شرح له كثيرا من امره. فأرسل عمر رجلين من الأنصار، فقال لهما: انتهيا إليه، فاسألا عنه، فإن كان كذب عليه فأعلماني وان رأيتما ما يسوءكما فلا تملكاه من امره شيئا حتى تاتيا به، فذهبا فسألا عنه فوجداه قد صدق عليه، فجاءا إلى بابه فاستأذنا عليه، فقال حاجبه: انه ليس عليه اليوم اذن قالا: ليخرجن إلينا أو لنحرقن عليه بابه وجاء أحدهما بشعلة من نار فدخل الاذن فأخبره فخرج إليهما، قالا: انا رسولا عمر إليك لتأتيه، قال: ان لنا حاجة، تمهلانني لأتزود قالا: انه عزم علينا الا نمهلك، فاحتملاه فأتيا به عمر، فلما اتاه سلم عليه فلم يعرفه، وقال: من أنت؟ وكان رجلا أسمر، فلما أصاب من ريف مصر ابيض وسمن فقال: انا عاملك على مصر، انا فلان، قال: ويحك! ركبت ما نهيت عنه، وتركت ما أمرت به! والله لأعاقبنك عقوبة أبلغ إليك فيها، آتوني بكساء من صوف وعصا، وثلاثمائة شاة من غنم الصدقة، فقال: البس هذه الدراعة (1)، فقد رأيت أباك وهذه خير من دراعته وخذ هذه العصا فهي خير من عصا أبيك، واذهب بهذه الشياه فارعها في مكان كذا - وذلك في يوم صائف - ولا تمنع السابلة من البانها شيئا الا آل عمر، فإني لا اعلم أحدا من آل عمر أصاب من البان غنم الصدقة ولحومها شيئا.
فلما ذهب رده، وقال: أفهمت ما قلت! فضرب بنفسه الأرض، وقال يا أمير المؤمنين، لا أستطيع هذا، فان شئت فاضرب عنقي، قال: فان رددتك فأي رجل تكون؟
قال: والله لا يبلغك بعدها الا ما تحب. فرده، فكان نعم الرجل. وقال عمر: والله