شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١١٢
(اخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله) (1) وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم: (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض) (2) فلو كنتم إذ كنتم مستضعفين محرومين خير الدنيا على شعبة من الحق تؤمنون بها، وتستريحون إليها، مع المعرفة بالله وبدينه، وترجون الخير فيما بعد الموت، ولكنكم كنتم أشد الناس عيشة وأعظم الناس بالله جهالة، فلو كان هذا الذي ابتلاكم به لم يكن معه حظ في دنياكم غير أنه ثقة لكم في آخرتكم التي إليها المعاد والمنقلب، وأنتم من جهد المعيشة على ما كنتم عليه كنتم أحرياء ان تشحوا على نصيبكم منه، ون تظهروه على غيره فبله (3). أما انه قد جمع لكم فضيلة الدنيا وكرامة الآخرة، أو لمن شاء ان يجمع ذلك منكم، فأذكركم الله الحائل بينكم وبين قلوبكم الا ما عرفتم حق الله وعملتم له، وسيرتم أنفسكم على طاعته، وجمعتم مع السرور بالنعم خوفا لزوالها وانتقالها، ووجلا من تحويلها، فإنه لا شئ اسلب للنعمة من كفرانها وان الشكر امن للغير، ونماء للنعمة، واستجلاب للزيادة، وهذا على في امركم ونهيكم واجب إن شاء الله.
* * * وروى أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب " مقاتل الفرسان " قال: كتب عمر إلى سلمان بن ربيعة الباهلي - أو إلى النعمان بن مقرن:
ان في جندك رجلين من العرب: عمرو بن معديكرب طليحة بن خويلد، فأحضرهما الناس وأدبهما وشاورهما في الحرب، وابعثهما في الطلائع، ولا تولهما عملا من أعمال المسلمين، وإذا وضعت الحرب أوزارها، فضعهما حيث وضعا أنفسهما. قال: وكان عمرو ارتد، وطليحة تنبأ.

(1) سورة إبراهيم: 5 (2) سورة الأنفال: 26 (3) بله: اسم فعل بمعنى دع واترك.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281