(اخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله) (1) وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم: (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض) (2) فلو كنتم إذ كنتم مستضعفين محرومين خير الدنيا على شعبة من الحق تؤمنون بها، وتستريحون إليها، مع المعرفة بالله وبدينه، وترجون الخير فيما بعد الموت، ولكنكم كنتم أشد الناس عيشة وأعظم الناس بالله جهالة، فلو كان هذا الذي ابتلاكم به لم يكن معه حظ في دنياكم غير أنه ثقة لكم في آخرتكم التي إليها المعاد والمنقلب، وأنتم من جهد المعيشة على ما كنتم عليه كنتم أحرياء ان تشحوا على نصيبكم منه، ون تظهروه على غيره فبله (3). أما انه قد جمع لكم فضيلة الدنيا وكرامة الآخرة، أو لمن شاء ان يجمع ذلك منكم، فأذكركم الله الحائل بينكم وبين قلوبكم الا ما عرفتم حق الله وعملتم له، وسيرتم أنفسكم على طاعته، وجمعتم مع السرور بالنعم خوفا لزوالها وانتقالها، ووجلا من تحويلها، فإنه لا شئ اسلب للنعمة من كفرانها وان الشكر امن للغير، ونماء للنعمة، واستجلاب للزيادة، وهذا على في امركم ونهيكم واجب إن شاء الله.
* * * وروى أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب " مقاتل الفرسان " قال: كتب عمر إلى سلمان بن ربيعة الباهلي - أو إلى النعمان بن مقرن:
ان في جندك رجلين من العرب: عمرو بن معديكرب طليحة بن خويلد، فأحضرهما الناس وأدبهما وشاورهما في الحرب، وابعثهما في الطلائع، ولا تولهما عملا من أعمال المسلمين، وإذا وضعت الحرب أوزارها، فضعهما حيث وضعا أنفسهما. قال: وكان عمرو ارتد، وطليحة تنبأ.