فيهما في الجمع، قال: فأي طعام ناله عندك ارفع؟ قالت: خبزنا مره خبزة شعير فصببت عليها - وهي حارة أسفلها - عكة (1) لنا كان فيها سمن وعسل فجعلتها هشة حلوة دسمة، فاكل منها فاستطابها، قال: فأي مبسط كان يبسط عندك أوطأ؟ قالت:
كساء ثخين كنا نرقعه في الصيف فنجعله ثخينا فإذا كان الشتاء بسطنا نصفه، وتدثرنا بنصفه، قال: فأبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قدر فوضع الفضول مواضعها، وتبلغ ما أبر، وإني قدرت فوالله لأضعن الفضول مواضعها، ولا تبلغن ما أبر حبة.
* * * وفد على عمر وفد فيه رجال الناس من الآفاق فوضع لهم بسطا من عباء، وقدم إليهم طعاما غليظا فقالت له: ابنته حفصة أم المؤمنين: انهم وجوه الناس وكرام العرب فأحسن كرامتهم. فقال: يا حفصة، أخبريني بالين فراش فرشته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطيب طعام اكله عندك قالت: أصبنا كساء ملبدا عام خيبر، فكنت أفرشه له فينام عليه، وإني رفعته ليلة، فلما أصبح قال: ما كان فراشي الليلة؟ قلت: فراشك كل ليلة الا، أنى الليلة رفعته لك ليكون أوطأ، فقال: أعيديه لحالته الأولى فان وطاءته منعتني الليلة من الصلاة.
وكان لنا صاع من دقيق سلت (2)، فنخلته يوما وطبخته له، وكان لنا قعب من سمن فصببته عليه، فبينا هو عليه السلام يأكل إذ دخل أبو الدرداء، فقال: أرى سمنكم قليلا، وان لنا لقعبا من سمن قال عليه السلام: فأرسل فأت به، فجاء به فصبه عليه فاكل، فهذا أطيب طعام أكله عندي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأرسل عمر عينيه بالبكاء وقال لها: والله لا أزيدهم على ذلك العباء وذلك الطعام