شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٨
لا يصح عليه الاستخفاف والإهانة؟ فمن الجائز أن يصح ذلك عليه وإن لم يتألم بالاستخفاف والإهانة كما يتألم بالعقوبة وإذا صح عليه أن يألم بالعقوبة صح عليه أن يألم بالاستخفاف والإهانة لان الجنون لا يبلغ - وإن عظم - مبلغا يبطل تصور الانسان لإهانته ولاستخفافه وبتقدير ألا يصح على المجنون الاستخفاف والإهانة من أين لنا أن عمر علم أن ذلك لا يصح عليه! فمن الممكن أن يكون ظن أن ذلك يصح عليه لان هذا مقام اشتباه والتباس.
فاما قوله (قد بينا أنه لا يجوز أن يرجع الإمام أصلا إلى غيره) فهو مبنى على مذهبهم وقواعدهم وقوله معترضا على كلام قاضى القضاة: إن الخطأ في ذلك قد لا يعظم ليمنع من صحة الإمامة إن هذا اقتراح بغير حجة لأنه إذا اعترف بالخطأ فلا سبيل إلى القطع على أنه صغير غير لازم لان قاضى القضاة لم يقطع بأنه صغير بل قال: لا يمتنع وإذا جاز أن يكون صغيرا لم نكن قاطعين على فساد الإمامة به.
فإن قال المرتضى كما أنكم لا تقطعون على أنه صغير فتكون الإمامة مشكوكا فيها، قيل له الأصل عدم الكبير، فإذا حصل الشك في أمر هل هو صغير أم كبير تساقط التعارض ورجعنا إلى الأصل وهو عدم كون ذلك الخطأ كبيرا فلا يمنع ذلك من صحة الإمامة.
* * * الطعن الرابع حديث أبي العجفاء وأن عمر منع من المغالاة في صدقات النساء اقتداء بما كان من النبي صلى الله عليه وآله في صداق فاطمة حتى قامت المرأة ونبهته بقوله تعالى ﴿وآتيتم إحداهن قنطارا﴾ (1) على جواز ذلك فقال: كل النساء أفقه من عمر!

(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281