شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٣٥
شيئا وهذا فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا طعامه.
* * * لما قدم عتبة بن مرثد أذربيجان أتى بالخبيص (1)، فلما اكله وجد شيئا حلوا طيبا فقال: لو صنعت من هذا لأمير المؤمنين! فجعل له خبيصا في منقلين عظيمين، وحملهما على بعيرين إلى المدينة، فقال عمر: ما هذا؟ قالوا الخبيص (2) فذاقه فوجده حلوا فقال:
للرسول: ويحك! أكل المسلمين عندكم يشبع من هذا؟ قال: لا، قال: فارددهما ثم كتب إلى عتبة: أما بعد، فان خبيصك الذي بعثته ليس من كد أبيك ولا من كد أمك أشبع المسلمين مما تشبع منه في رحلك ولا تستأثر، فان الأثرة شر والسلام.
* * * روى عتبة بن مرثد أيضا قال: قدمت على عمر بحلواء من بلاد فارس، في سلال عظام فقال: ما هذه قلت طعام طيب أتيتك به قال: ويحك ولم خصصتني به؟ قلت: أنت رجل تقضى حاجات الناس أول النهار، فأحببت إذا رجعت إلى منزلك أن ترجع إلى طعام طيب، فتصيب منه فتقوى على القيام بأمرك. فكشف عن سلة منها فذاق فاستطاب، فقال: عزمت عليك يا عتبة إذا رجعت الا رزقت كل رجل من المسلمين مثله! قلت: والذي يصلحك يا أمير المؤمنين لو أنفقت عليه أموال قيس كلها لما وسع ذلك، قال: فلا حاجة لي فيه إذا ثم دعا بقصعة من ثريد، ولحم غليظ، وخبز خشن، فقال: كل، ثم جعل يأكل اكلا شهيا، وجعلت أهوى إلى البضعة البيضاء أحسبها سناما، وإذا هي عصبة وأهوى إلى البضعة من اللحم أمضغها،

(1) الخبيص: ضرب من الحلواء.
(2) ا: (هذا الخبيص).
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281