شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٣٣
فجعلت ان أردت الدنيا أضررت بالآخرة، وان أردت الآخرة أضررت بالدنيا وإذا كان الامر هكذا، فأضروا بالفانية.
* * * خرج عمر يوما إلى المسجد، وعليه قميص في ظهره أربع رقاع، فقرأ حتى انتهى إلى قوله: ﴿وفاكهة وأبا﴾ (1) فقال: ما الأب؟ ثم قال: ان هذا لهو التكلف! وما عليك يا بن الخطاب الا تدرى ما الأب!
* * * وجاء قوم من الصحابة إلى حفصة فقالوا: لو كلمت أباك في أن يلين من عيشه، لعله أقوى له على النظر في أمور المسلمين! فجاءته فقالت: إن ناسا من قومك كلموني في أن أكلمك في أن تلين من عيشك. فقال: يا بنية، غششت أباك ونصحت لقومك.
* * * وروى سالم بن عبد الله بن عمر، قال: لما ولى عمر قعد على رزق أبى بكر الذي كان فرضه لنفسه، فاشتدت حاجته، فاجتمع نفر من المهاجرين، منهم على وعثمان وطلحة والزبير وقالوا: لو قلنا (3) لعمر يزيد في رزقه! فقال عثمان: انه عمر، فهلموا فلنستبن (3) ما عنده من وراء وراء، نأتي حفصة فنكلمها ونستكتمها أسماءنا. فدخلوا عليها، وسألوها ان تكلمه ولا تخبره بأسماء من اتاها الا ان يقبل. فلقيت عمر في ذلك، فرأت الغضب في وجهه، وقال: من اتاك؟ قالت: لا سبيل إلى ذلك، فقال: لو علمت من هم لسوأت أوجههم، أنت بيني وبينهم! نشدتك الله ما أفضل ما اقتنى رسول الله صلى الله عليه وآله في بيتك من الملبس؟ قالت: ثوبان ممشقان (4)، كان يلبسهما للوفد ويخطب

(١) سورة عبس ٣١. وفى الكشاف 4: 563 (الأب: المرعى، لأنه يؤب، أي يؤم وينتج.
وروى عن أبي يكر أنه سئل عن الأب، فقال: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله مالا علم لي به)!
(2) ا: (كلمنا عمر).
(3) ب: (فلنستبرئ).
(4) ثوب ممشق: مصبوغ.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281