فجعلت ان أردت الدنيا أضررت بالآخرة، وان أردت الآخرة أضررت بالدنيا وإذا كان الامر هكذا، فأضروا بالفانية.
* * * خرج عمر يوما إلى المسجد، وعليه قميص في ظهره أربع رقاع، فقرأ حتى انتهى إلى قوله: ﴿وفاكهة وأبا﴾ (1) فقال: ما الأب؟ ثم قال: ان هذا لهو التكلف! وما عليك يا بن الخطاب الا تدرى ما الأب!
* * * وجاء قوم من الصحابة إلى حفصة فقالوا: لو كلمت أباك في أن يلين من عيشه، لعله أقوى له على النظر في أمور المسلمين! فجاءته فقالت: إن ناسا من قومك كلموني في أن أكلمك في أن تلين من عيشك. فقال: يا بنية، غششت أباك ونصحت لقومك.
* * * وروى سالم بن عبد الله بن عمر، قال: لما ولى عمر قعد على رزق أبى بكر الذي كان فرضه لنفسه، فاشتدت حاجته، فاجتمع نفر من المهاجرين، منهم على وعثمان وطلحة والزبير وقالوا: لو قلنا (3) لعمر يزيد في رزقه! فقال عثمان: انه عمر، فهلموا فلنستبن (3) ما عنده من وراء وراء، نأتي حفصة فنكلمها ونستكتمها أسماءنا. فدخلوا عليها، وسألوها ان تكلمه ولا تخبره بأسماء من اتاها الا ان يقبل. فلقيت عمر في ذلك، فرأت الغضب في وجهه، وقال: من اتاك؟ قالت: لا سبيل إلى ذلك، فقال: لو علمت من هم لسوأت أوجههم، أنت بيني وبينهم! نشدتك الله ما أفضل ما اقتنى رسول الله صلى الله عليه وآله في بيتك من الملبس؟ قالت: ثوبان ممشقان (4)، كان يلبسهما للوفد ويخطب