ومن كلام عمر: رحم الله امرأ أهدى إلى عيوبي.
* * * قدم عمرو بن العاص على عمر وكان واليا لمصر فقال له: في كم سرت قال:
في عشرين، قال عمر: لقد سرت سير عاشق فقال عمرو: انى والله ما تأبطتني الإماء ولا حملتني في غبرات المآلي، فقال عمر: والله ما هذا بجواب الكلام الذي سألتك عنه! وإن الدجاجة لتفحص في الرماد فتضع لغير الفحل، وإنما تنسب البيضة إلى طرقها فقام عمرو مربد الوجه.
قلت: المآلي: خرق سود يحملها النوائح ويسرن بها بأيديهن عند اللطم وأراد خرق الحيص هاهنا وشبهها بتلك، وأنكر عمر فخره بالأمهات وقال: إن الفخر للأب الذي إليه النسب وسألت النقيب أبا جعفر عن هذا الحديث في عمر فقال: إن عمرا فخر على عمر لان أم الخطاب زنجية، وتعرف بباطحلي، تسمى صهاك، فقلت له: وأم عمرو النابغة أمة من سبايا العرب، فقال: أمة عربية من عنزة سبيت في بعض الغارات فليس يلحقها من النقص عندهم ما يلحق الإماء الزنجيات. فقلت له: أكان عمرو يقدم على عمر بمثل ما قلت؟ قال: قد يكون بلغه عنه قول قدح في نفسه فلم يحتمله له ونفث بما في صدره منه، وإن لم يكن جوابا مطابقا للسؤال.
وقد كان عمر مع خشونته يحتمل نحو هذا، فقد جبهه الزبير مرة وجعل يحكى كلامه يمططه، وجبهه سعد بن أبي وقاص أيضا فأغضي عنه ومر يوما في السوق على ناقة له فوثب غلام من بنى ضبة فإذا هو خلفه، فالتفت إليه، فقال: فممن أنت قال: ضبي قال: جسور والله فقال: الغلام على: العدو، قال عمر: وعلى الصديق أيضا ما حاجتك فقضى حاجته، ثم قال: دع الان لنا ظهر راحلتنا.