شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٥
قد يقول: هلكت ليس يعنى به العقاب يوم القيامة بل لوم الناس وتعنيفهم إياه على ترك الاحتراس وإهمال التثبت * * * الطعن الثالث خبر المجنونة التي أمر برجمها، فنبهه أمير المؤمنين عليه السلام، وقال: إن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق فقال: لولا على لهلك عمر (1)! وهذا يدل على أنه لم يكن يعرف الظاهر من الشريعة.
أجاب قاضى القضاة فقال: ليس في الخبر أنه عرف جنونها فيجوز أن يكون الذي نبه عليه هو جنونها دون الحكم لأنه كان يعلم أن الحد لا يقام في حال الجنون وإنما قال: لولا على لهلك عمر لا من جهة المعصية والاثم لكن لان حكمه لو نفذ لعظم غمه ويقال: في شدة الغم إنه هلاك كما يقال: في الفقر وغيره وذلك مبالغة منه لما كان يلحقه من الغم الذي زال بهذا التنبيه على أن هذا الوجه مما لا يمتنع في الشرع أن يكون صحيحا وأن يقال:
إذا كانت مستحقة للحد فإقامته عليها تصح وإن لم يكن لها عقل لأنه لا يخرج الحد من أن يكون واقعا موقعه ويكون قوله عليه السلام: (رفع القلم عن ثلاث) يراد به زوال التكليف عنهم دون زوال إجراء الحكم عليهم ومن هذه حاله لا يمتنع أن يكون مشتبها فرجع فيه إلى غيره ولا يكون الخطأ فيه مما يعظم فيمنع من صحة الإمامة.
* * * اعترض الشريف المرتضى هذا فقال: لو كان أمر برجم المجنونة من غير علم بجنونها لما قال: له أمير المؤمنين أما علمت أن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق! بل كان يقول له بدلا من ذلك هي مجنونة وكان ينبغي أن يقول عمر متبرئا من الشبهة ما علمت بجنونها ولست ممن يذهب عليه أن المجنون لا يرجم فلما رأيناه استعظم ما أمر به وقال: لولا

(1) بعدها في الشافي: (ويرى ذلك لمعاذ).
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281