قد يقول: هلكت ليس يعنى به العقاب يوم القيامة بل لوم الناس وتعنيفهم إياه على ترك الاحتراس وإهمال التثبت * * * الطعن الثالث خبر المجنونة التي أمر برجمها، فنبهه أمير المؤمنين عليه السلام، وقال: إن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق فقال: لولا على لهلك عمر (1)! وهذا يدل على أنه لم يكن يعرف الظاهر من الشريعة.
أجاب قاضى القضاة فقال: ليس في الخبر أنه عرف جنونها فيجوز أن يكون الذي نبه عليه هو جنونها دون الحكم لأنه كان يعلم أن الحد لا يقام في حال الجنون وإنما قال: لولا على لهلك عمر لا من جهة المعصية والاثم لكن لان حكمه لو نفذ لعظم غمه ويقال: في شدة الغم إنه هلاك كما يقال: في الفقر وغيره وذلك مبالغة منه لما كان يلحقه من الغم الذي زال بهذا التنبيه على أن هذا الوجه مما لا يمتنع في الشرع أن يكون صحيحا وأن يقال:
إذا كانت مستحقة للحد فإقامته عليها تصح وإن لم يكن لها عقل لأنه لا يخرج الحد من أن يكون واقعا موقعه ويكون قوله عليه السلام: (رفع القلم عن ثلاث) يراد به زوال التكليف عنهم دون زوال إجراء الحكم عليهم ومن هذه حاله لا يمتنع أن يكون مشتبها فرجع فيه إلى غيره ولا يكون الخطأ فيه مما يعظم فيمنع من صحة الإمامة.
* * * اعترض الشريف المرتضى هذا فقال: لو كان أمر برجم المجنونة من غير علم بجنونها لما قال: له أمير المؤمنين أما علمت أن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق! بل كان يقول له بدلا من ذلك هي مجنونة وكان ينبغي أن يقول عمر متبرئا من الشبهة ما علمت بجنونها ولست ممن يذهب عليه أن المجنون لا يرجم فلما رأيناه استعظم ما أمر به وقال: لولا