شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٤٨
فنظر إلى نار شرقي حرة المدينة فقال: إن هؤلاء الركب لم ينزلوا هاهنا إلا الليلة! ثم أهوى (1) لهم فخرجت معه حتى دنونا، فسمعنا تضاغى (2) الصبيان وبكاءهم.
فقال: السلام عليكم يا أصحاب الضوء، هل ندنو منكم! واحتبسنا قليلا، فقالت:
امرأة منهم: إدنوا بسلام! فأقبلنا حتى وقفنا عليها، فقال: ما يبكى هؤلاء الصبيان؟
قالت: الجوع، قال: فما هذا القدر على النار قالت: ماء أعللهم به، قال: انتظريني فإني بالغك إن شاء الله! ثم خر يهرول وأنا معه حتى جئنا دار الدقيق - وكانت دارا يطرح فيها ما يجئ من دقيق العراق ومصر وقد كان كتب إلى عمرو بن العاص وأبي موسى حين أمحلت السنة: الغوث، الغوث احملوا إلى أحمال الدقيق واجعلوا فيها جمائد الشحم. فجاء إلى عدل منها فطأطأ ظهره، ثم قال: أحمله على ظهري يا أسلم فقلت:
أنا أحمله عنك! فنظر إلى وقال: أنت تحمل عنى وزري يوم القيامة لا أبا لك! قلت لا قال: فاحمله على ظهري إذا ففعلت، وخرج به يدلج (3) وأنا معه حتى ألقاه عند المرأة.
ثم قال: لي ذر (4) على ذرور الدقيق لا يتعرد وأنا أخزر ثم أخذ المسواط (5) يخزر ثم جعل ينفخ تحت البرمة وأنا أنظر إلى الدخان يخرج من خلل لحيته ويقول لا تعجل حتى ينضج، ثم قال: ألق على من الشحم فإن القفار يوجع البطن.

(1) أهوى لهم: نزل عليهم.
(2) التضاعي: الصياح والتضور من الجوع.
(3) الإدلاج: السير أول الليل.
(4) ذر الشئ: أخذه بأطراف أصابعه، ثم نثره على الشئ.
(5) الخزيرة. العصيدة.
(6) السوط: خلط الشئ بعضه ببعض، والمسوط والمسواط: ما سيط به.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281