فنظر إلى نار شرقي حرة المدينة فقال: إن هؤلاء الركب لم ينزلوا هاهنا إلا الليلة! ثم أهوى (1) لهم فخرجت معه حتى دنونا، فسمعنا تضاغى (2) الصبيان وبكاءهم.
فقال: السلام عليكم يا أصحاب الضوء، هل ندنو منكم! واحتبسنا قليلا، فقالت:
امرأة منهم: إدنوا بسلام! فأقبلنا حتى وقفنا عليها، فقال: ما يبكى هؤلاء الصبيان؟
قالت: الجوع، قال: فما هذا القدر على النار قالت: ماء أعللهم به، قال: انتظريني فإني بالغك إن شاء الله! ثم خر يهرول وأنا معه حتى جئنا دار الدقيق - وكانت دارا يطرح فيها ما يجئ من دقيق العراق ومصر وقد كان كتب إلى عمرو بن العاص وأبي موسى حين أمحلت السنة: الغوث، الغوث احملوا إلى أحمال الدقيق واجعلوا فيها جمائد الشحم. فجاء إلى عدل منها فطأطأ ظهره، ثم قال: أحمله على ظهري يا أسلم فقلت:
أنا أحمله عنك! فنظر إلى وقال: أنت تحمل عنى وزري يوم القيامة لا أبا لك! قلت لا قال: فاحمله على ظهري إذا ففعلت، وخرج به يدلج (3) وأنا معه حتى ألقاه عند المرأة.
ثم قال: لي ذر (4) على ذرور الدقيق لا يتعرد وأنا أخزر ثم أخذ المسواط (5) يخزر ثم جعل ينفخ تحت البرمة وأنا أنظر إلى الدخان يخرج من خلل لحيته ويقول لا تعجل حتى ينضج، ثم قال: ألق على من الشحم فإن القفار يوجع البطن.