شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٤١
بينا عمر يسير في طريق مكة يوما إذا بالشيخ بين يديه يرتجز ويقول ما إن رأيت كفتي الخطاب * أبر بالدين وبالأحساب * بعد النبي صاحب الكتاب * فطعنه عمر بالسوط في ظهره، فقال: ويلك! وأين الصديق! قال: ما لي بأمره علم يا أمير المؤمنين، قال: أما إنك لو كنت عالما، ثم قلت هذا لأوجعت ظهرك.
* * * قال زيد بن أسلم: كنت عند عمر وقد كلمه عمرو بن العاص في الحطيئة وكان محبوسا، فأخرجه من السجن ثم أنشده ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ * زغب الحواصل لا ماء ولا شجر (1) ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة * فاغفر عليك سلام الله يا عمر أنت الامام الذي من بعد صاحبه * ألقت إليه مقاليد النهى البشر ما آثروك بها إذ قدموك لها * لكن لأنفسهم كانت بك الأثر. (2) فبكى عمر لما قال له: (ماذا تقول لأفراخ) فكان عمرو بن العاص بعد ذلك يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أتقى من رجل يبكى خوفا من حبس (3) الحطيئة!
ثم قال عمر لغلامه يرفأ: على بالكرسي، فجلس عليه ثم قال: على بالطست، فأتى بها ثم قال: على بالمخصف، لا بل على بالسكين، فأتى بها فقال: لا بل على بالموسى، فإنها أوجى، فأتى بموسى ثم قال: أشيروا على في الشاعر فإنه يقول الهجر، وينسب بالحرم ويمدح الناس ويذمهم بغير ما فيهم وما أراني إلا قاطعا لسانه! فجعل الحطيئة يزيد خوفا فقال: من حضر إنه لا يعود يا أمير المؤمنين، وأشاروا إليه قل لا أعود يا أمير المؤمنين فقال: النجاء النجاء! فلما ولى ناداه: يا حطيئة فرجع مرعوبا فقال: كأني بك يا حطيئة

(1) ديوانه 8.
(2) أي الخلافة. وفي الديوان: (لم يؤثروك).
(3) كذا في ا، وفي ب: (حبسه).
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281