شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٣٨
قدم عمر الشام فلقيه أمراء الأجناد وعظماء تلك الأرض فقال: وأين أخي؟
قالوا: من هو؟ قال: أبو عبيدة، قالوا: سيأتيك الان، فجاء أبو عبيدة على ناقة مخطومة بحبل فسلم عليه ورد له، ثم قال للناس: انصرفوا عنا فسار معه حتى أتى منزله فنزل عليه، فلم ير فيه الا سيفا وترسا، فقال له: لو اتخذت متاع! البيت قال: حسبي هذا يبلغني المقيل.
* * * وروى طارق بن شهاب ان عمر لما قدم الشام عرضت له مخاضة (1) فنزل عن بعيره، ونزع جرموقيه (2) فأمسكهما بيده، وخاض الماء وزمام بعيره في يده الأخرى، فقال له أبو عبيدة: لقد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل هذه الأرض! فصك في صدره، وقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! انكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزكم الله بالاسلام، فمهما تطلبوا العز بغيره يرجعكم إلى الذل.
* * * وروى محمد بن سعد صاحب الواقدي، أن عمر قال يوما على المنبر: لقد رأيتني وما لي من أكال (3) يأكله الناس إلا أن لي خالات من بنى مخزوم، فكنت استعذب (4) لهن الماء، فيقبضن لي القبضات من الزبيب، فلما نزل قيل له: ما أردت بهذا قال: وجدت في نفسي بأوا فأردت أن أطأطئ منها.

(1) المخاضنة: موضع الخوض من الماء.
(2) الجرموق: ما يلبس فوق الخف وقاية له.
(3) الأكال، كسحاب: الطعام، ويقولون: (ما ذقت أكالا).
(4) يستعذب الماء: أي يطلب الماء العذب.
(5) البأو: العجب والخيلاء.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281