قدم عمر الشام فلقيه أمراء الأجناد وعظماء تلك الأرض فقال: وأين أخي؟
قالوا: من هو؟ قال: أبو عبيدة، قالوا: سيأتيك الان، فجاء أبو عبيدة على ناقة مخطومة بحبل فسلم عليه ورد له، ثم قال للناس: انصرفوا عنا فسار معه حتى أتى منزله فنزل عليه، فلم ير فيه الا سيفا وترسا، فقال له: لو اتخذت متاع! البيت قال: حسبي هذا يبلغني المقيل.
* * * وروى طارق بن شهاب ان عمر لما قدم الشام عرضت له مخاضة (1) فنزل عن بعيره، ونزع جرموقيه (2) فأمسكهما بيده، وخاض الماء وزمام بعيره في يده الأخرى، فقال له أبو عبيدة: لقد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل هذه الأرض! فصك في صدره، وقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! انكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزكم الله بالاسلام، فمهما تطلبوا العز بغيره يرجعكم إلى الذل.
* * * وروى محمد بن سعد صاحب الواقدي، أن عمر قال يوما على المنبر: لقد رأيتني وما لي من أكال (3) يأكله الناس إلا أن لي خالات من بنى مخزوم، فكنت استعذب (4) لهن الماء، فيقبضن لي القبضات من الزبيب، فلما نزل قيل له: ما أردت بهذا قال: وجدت في نفسي بأوا فأردت أن أطأطئ منها.