أدها، قال: إما والله لا أعمل لك بعدها. قال: أنا والله لا أستعملك بعدها. ثم صعد المنبر فقال: يا معشر الامراء، إن هذا المال لو رأينا أنه يحل لنا لأحللنا لكم فأما إذ لم نره يحل لنا وظلفنا (1) أنفسنا عنه فأظلفوا عنه أنفسكم فإني والله ما وجدت لكم مثلا إلا عطشان ورد اللجة ولم ينظر الماتح، فلما روى غرق.
* * * وكتب عمر إلى عمرو بن العاص وهو عامله في مصر:
أما بعد فقد بلغني أنه قد ظهر لك مال من إبل وغنم وخدم وغلمان ولم يكن لك قبله مال، ولا ذلك من رزقك، فأنى لك هذا ولقد كان لي من السابقين الأولين من هو خير منك، ولكني استعملتك لغنائك، فإذا كان عملك لك وعلينا بم نؤثرك على أنفسنا فاكتب إلى من أين مالك وعجل. والسلام.
فكتب إليه عمرو بن العاص: قرأت كتاب أمير المؤمنين ولقد صدق فأما ما ذكره من مالي، فإني قدمت بلدة: الأسعار فيها رخيصة والغزو فيها كثير فجعلت فضول ما حصل لي من ذلك فيما ذكره أمير المؤمنين والله يا أمير المؤمنين لو كانت خيانتك لنا حلالا ما خناك حيث ائتمنتنا فأقصر عنا عناك فإن لنا أحسابا إذا رجعنا إليها أغنتنا عن العمل لك وأما من كان لك من السابقين الأولين، فهلا استعملتهم! فوالله ما دققت لك بابا.
فكتب إليه عمر: أما بعد، فإني لست من تسطيرك وتشقيقك الكلام في شئ، إنكم معشر الامراء أكلتم الأموال وأخلدتم إلى الاعذار فإنما تأكلون النار وتورثون العار وقد وجهت إليك محمد بن مسلمة ليشاطرك على ما في يديك والسلام.