شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٤٣
أدها، قال: إما والله لا أعمل لك بعدها. قال: أنا والله لا أستعملك بعدها. ثم صعد المنبر فقال: يا معشر الامراء، إن هذا المال لو رأينا أنه يحل لنا لأحللنا لكم فأما إذ لم نره يحل لنا وظلفنا (1) أنفسنا عنه فأظلفوا عنه أنفسكم فإني والله ما وجدت لكم مثلا إلا عطشان ورد اللجة ولم ينظر الماتح، فلما روى غرق.
* * * وكتب عمر إلى عمرو بن العاص وهو عامله في مصر:
أما بعد فقد بلغني أنه قد ظهر لك مال من إبل وغنم وخدم وغلمان ولم يكن لك قبله مال، ولا ذلك من رزقك، فأنى لك هذا ولقد كان لي من السابقين الأولين من هو خير منك، ولكني استعملتك لغنائك، فإذا كان عملك لك وعلينا بم نؤثرك على أنفسنا فاكتب إلى من أين مالك وعجل. والسلام.
فكتب إليه عمرو بن العاص: قرأت كتاب أمير المؤمنين ولقد صدق فأما ما ذكره من مالي، فإني قدمت بلدة: الأسعار فيها رخيصة والغزو فيها كثير فجعلت فضول ما حصل لي من ذلك فيما ذكره أمير المؤمنين والله يا أمير المؤمنين لو كانت خيانتك لنا حلالا ما خناك حيث ائتمنتنا فأقصر عنا عناك فإن لنا أحسابا إذا رجعنا إليها أغنتنا عن العمل لك وأما من كان لك من السابقين الأولين، فهلا استعملتهم! فوالله ما دققت لك بابا.
فكتب إليه عمر: أما بعد، فإني لست من تسطيرك وتشقيقك الكلام في شئ، إنكم معشر الامراء أكلتم الأموال وأخلدتم إلى الاعذار فإنما تأكلون النار وتورثون العار وقد وجهت إليك محمد بن مسلمة ليشاطرك على ما في يديك والسلام.

(1) ظلف نفسه عن الشئ: منعها.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281