فبايع عثمان، قال عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي: صدق، إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا.
فشتم عمار ابن أبي سرح، وقال له: متى كنت تنصح الاسلام!
فتكلم بنو هاشم وبنو أمية، وقام عمار، فقال: أيها الناس، إن الله أكرمكم بنبيه، وأعزكم بدينه، فإلى متى تصرفون هذا الامر عن أهل بيت نبيكم! فقال رجل من بنى مخزوم: لقد عدوت طورك يا بن سمية، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها! فقال سعد:
يا عبد الرحمن، افرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس. فحينئذ عرض عبد الرحمن على علي عليه السلام العمل بسيرة الشيخين، فقال: بل أجتهد برأيي. فبايع عثمان بعد أن عرض عليه، فقال: نعم، فقال علي عليه السلام: ليس هذا بأول يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، والله ما وليته الامر إلا ليرده إليك، والله كل يوم في شأن.
فقال عبد الرحمن: لا تجعلن على نفسك سبيلا يا علي - يعنى أمر عمر أبا طلحة أن يضرب عنق المخالف - فقام علي عليه السلام فخرج، وقال: سيبلغ الكتاب أجله، فقال عمار: يا عبد الرحمن، أما والله لقد تركته، وإنه من الذين يقضون بالحق وبه كانوا يعدلون. فقال المقداد: تالله ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، وا عجبا لقريش! لقد تركت رجلا ما أقول ولا أعلم أن أحدا أقضى بالعدل ولا أعلم ولا أتقى منه!
أما والله لو أجد أعوانا! فقال عبد الرحمن: اتق الله يا مقداد، فإني خائف عليك الفتنة.
وقال علي عليه السلام: إني لأعلم ما في أنفسهم إن الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر في صلاح شأنها، فتقول: إن ولى الامر بنو هاشم لم يخرج منهم أبدا، وما كان في غيرهم فهو متداول في بطون قريش.
قال: وقدم طلحة في اليوم الذي بويع فيه لعثمان فتلكأ ساعة، ثم بايع.
* * *