وروى أبو جعفر رواية أخرى أطالها، وذكر خطب أهل الشورى وما قاله كل منهم، وذكر كلاما قاله علي عليه السلام في ذلك اليوم، وهو:
الحمد لله الذي اختار محمدا منا نبيا، وابتعثه إلينا رسولا، فنحن أهل بيت النبوة ومعدن الحكمة، أمان لأهل الأرض، ونجاة لمن طلب، إن لنا حقا إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل، وإن طال السرى، لو عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله عهدا لأنفذنا عهده، ولو قال لنا قولا لجالدنا عليه حتى نموت، لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق وصلة رحم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اسمعوا كلامي وعوا منطقي، عسى أن تروا هذا الامر بعد هذا الجمع تنتضى فيه السيوف، وتخان فيه العهود، حتى لا يكون لكم جماعة، وحتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة وشيعة لأهل الجهالة.
* * * قلت: وقد ذكر الهروي (1) في كتاب " الجمع بين الغريبين " قوله: " وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل "، وفسره على وجهين:
أحدهما: أن من ركب عجز البعير يعاني مشقة، ويقاسي جهدا، فكأنه قال: وإن نمنعه نصبر على المشقة، كما يصبر عليها راكب عجز البعير.
والوجه الثاني أنه أراد: نتبع غيرنا، كما أن راكب عجز البعير يكون رديفا لمن هو أمامه، فكأنه قال: وإن نمنعه نتأخر ونتبع غيرنا، كما يتأخر راكب البعير!
* * *