وقال أبو هلال العسكري في كتاب " الأوائل ": استجيبت دعوة علي عليه السلام في عثمان وعبد الرحمن، فما ماتا إلا متهاجرين متعاديين، أرسل عبد الرحمن إلى عثمان يعاتبه وقال لرسوله: قل له: لقد وليتك ما وليتك من أمر الناس، وإن لي لأمور اما هي لك، شهدت بدرا وما شهدتها، وشهدت بيعة الرضوان وما شهدتها، وفررت يوم أحد وصبرت، فقال عثمان لرسوله، قل له: أما يوم بدر فإن رسول الله صلى الله عليه ردني إلى ابنته لما بها من المرض، وقد كنت خرجت للذي خرجت له، ولقيته عند منصرفه، فبشرني بأجر مثل أجوركم، وأعطاني سهما مثل سهامكم. وأما بيعة الرضوان فإنه صلى الله عليه بعثني أستأذن قريشا في دخوله إلى مكة، فلما قيل له: إني قتلت، بايع المسلمين على الموت لما سمعه عنى، وقال: إن كان حيا فأنا أبايع عنه، وصفق بإحدى يديه على الأخرى، وقال:
يساري خير من يمين عثمان، فيدك أفضل أم يد رسول الله صلى الله عليه! وأما صبرك يوم أحد وفراري، فلقد كان ذلك فأنزل الله تعالى العفو عنى في كتابه، فعيرتني بذنب غفره الله لي، ونسيت من ذنوبك ما لا تدرى أغفر لك أم لم يغفر.
لما بنى عثمان قصره طمار بالزوراء، وصنع طعاما كثيرا، ودعا الناس إليه، كان فيهم عبد الرحمن، وفلما نظر للبناء والطعام قال: يا بن عفان، لقد صدقنا عليك، ما كنا نكذب فيك، وإني أستعيذ بالله من بيعتك. فغضب عثمان، وقال: أخرجه عنى يا غلام، فأخرجوه، وأمر الناس ألا يجالسوه، فلم يكن يأتيه أحد إلا ابن عباس، كان يأتيه فيتعلم منه القرآن والفرائض. ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان، وكلمه فلم يكلمه حتى مات.
* * *