وقال مرة: لا يبلغني أن امرأة تجاوز صداقها صداق نساء النبي إلا ارتجعت ذلك منها، فقالت له امرأة: ما جعل الله لك ذلك، إنه تعالى قال: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا﴾ (1) فقال: كل النساء أفقه من عمر، حتى ربات الحجال! ألا تعجبون من إمام أخطأ وامرأة أصابت، فأضلت إمامكم ففضلته!
* * * ومر يوما بشاب من فتيان الأنصار وهو ظمآن، فاستسقاه، فجدح (2) له ماء بعسل فلم يشربه، وقال: إن الله تعالى يقول: (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) فقال له الفتى: يا أمير المؤمنين، إنها ليست لك ولا لأحد من هذه القبيلة، اقرأ ما قبلها:
(ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) (3)، فقال عمر: كل الناس أفقه من عمر!
* * * وقيل إن عمر كان يعس بالليل، فسمع صوت رجل وامرأة في بيت، فارتاب فتسور الحائط، فوجد امرأة ورجلا، وعندهما زق خمر، فقال: يا عدو الله، أكنت ترى أن الله يسترك وأنت على معصيته! قال: يا أمير المؤمنين، إن كنت أخطأت في واحدة فقد أخطأت في ثلاث، قال الله تعالى: (ولا تجسسوا) (4)، وقد تجسست. وقال: (وأتوا البيوت من أبوابها) (5)، وقد تسورت، وقال: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا) (6)، وما سلمت!
وقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا محرمهما، ومعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج. وهذا الكلام وإن كان ظاهره منكرا فله عندنا مخرج وتأويل، وقد ذكره أصحابنا الفقهاء في كتبهم.
* * *