معمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس، قال: سمعت عمر ابن الخطاب يقول لأهل الشورى: إنكم إن تعاونتم وتوازرتم وتناصحتم أكلتموها وأولادكم، وإن تحاسدتم وتقاعدتم وتدابرتم وتباغضتم، غلبكم على هذا الامر معاوية بن أبي سفيان، وكان معاوية حينئذ أمير الشام.
ثم رجع بنا الكلام إلى تمام قصة الشورى. ثم قال: ادعوا إلى أبا طلحة الأنصاري، فدعوه له فقال: انظر يا أبا طلحة، إذا عدتم من حفرتي، فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفكم، فخذ هؤلاء النفر بإمضاء الامر وتعجيله، واجمعهم في بيت، وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا ويختاروا واحدا منهم، فإن اتفق خمسة وأبى واحد فاضرب عنقه، وإن اتفق أربعة وأبى اثنان فاضرب أعناقهما، وإن اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة، فانظر، الثلاثة التي فيها عبد الرحمن، فارجع إلى ما قد اتفقت عليه، فإن أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب أعناقها، وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على أمر، فاضرب أعناق الستة ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم.
فلما دفن عمر، جمعهم أبو طلحة، ووقف على باب البيت بالسيف في خمسين من الأنصار، حاملي سيوفهم، ثم تكلم القوم وتنازعوا، فأول ما عمل طلحة أنه أشهدهم على نفسه أنه قد وهب حقه من الشورى لعثمان، وذلك لعلمه أن الناس لا يعدلون به، عليا وعثمان، وأن الخلافة لا تخلص له وهذان موجودان، فأراد تقوية أمر عثمان وإضعاف جانب علي عليه السلام، بهبة أمر لا انتفاع له به، ولا تمكن له منه.
فقال الزبير في معارضته: وأنا أشهدكم على نفسي أنى قد وهبت حقي من الشورى لعلى، وإنما فعل ذلك لأنه لما رأى عليا قد ضعف وانخزل بهبة طلحة حقه لعثمان، دخلته حمية النسب، لأنه ابن عمة أمير المؤمنين عليه السلام، وهي صفية بنت عبد المطلب، وأبو طالب خاله. وإنما مال طلحة إلى عثمان لانحرافه عن علي عليه السلام، باعتبار أنه