رسول الله، استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت غدا لاق ربك، فيسألك عن رعيتك! فقال أبو بكر:
أجلسوني، ثم قال: أبالله تخوفني! إذا لقيت ربى فسألني، قلت: استخلفت عليهم خير أهلك. فقال طلحة: أعمر خير الناس يا خليفة رسول الله! فاشتد غضبه، وقال:
أي والله، هو خيرهم وأنت شرهم. أما والله لو وليتك لجعلت أنفك في قفاك، ولرفعت نفسك فوق قدرها، حتى يكون الله هو الذي يضعها! أتيتني وقد دلكت عينك، تريد أن تفتنني عن ديني، وتزيلني عن رأيي! قم لا أقام الله رجليك! أما والله لئن عشت فواق ناقة، وبلغني أنك غمصته فيها، أو ذكرته بسوء، لألحقنك بمحمضات قنة، حيث كنتم تسقون ولا تروون، وترعون ولا تشبعون، وأنتم بذلك الحجون راضون!
فقام طلحة فخرج.
* * * أحضر أبو بكر عثمان - وهو يجود بنفسه - فأمره أن يكتب عهدا، وقال - اكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد عبد الله بن عثمان (1) إلى المسلمين، ثم أما بعد، ثم أغمي عليه، وكتب عثمان: قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، وأفاق أبو بكر فقال: اقرأ فقرأه، فكبر أبو بكر، وسر، وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي!
قال: نعم، قال: جزاك الله خيرا عن الاسلام وأهله، ثم أتم العهد، وأمر أن يقرأ على الناس فقرئ عليهم، ثم أوصى عمر، فقال له: إن لله حقا بالليل لا يقبله في النهار، وحقا في النهار لا يقبله بالليل، وأنه لا يقبل نافلة ما لم تؤد الفريضة، وإنما ثقلت موازين من اتبع الحق مع ثقله عليه، وإنما خفت موازين من اتبع الباطل لخفته، عليه إنما أنزلت آية الرخاء مع آية الشدة، لئلا يرغب المؤمن رغبة يتمنى فيها على الله ما ليس له، ولئلا