ومنها أن يقال: ما المعنى بقوله: " ثم نفخ فيها من روحه "؟
الجواب، أن النفس لما كانت جوهرا مجردا، لا متحيزة ولا حالة في المتحيز، حسن لذلك نسبتها إلى البارئ، لأنها أقرب إلى الانتساب إليه من الجثمانيات. ويمكن أيضا أن تكون لشرفها مضافة إليه، كما يقال: بيت الله للكعبة. وأما النفخ فعبارة عن إفاضة النفس على الجسد، ولما كان نفخ الريح في الوعاء عبارة عن إدخال الريح إلى جوفه، وكان الاحياء عبارة عن إفاضة النفس على الجسد، ويستلزم ذلك حلول القوى والأرواح في الجثة باطنا وظاهرا، سمى ذلك نفخا مجازا.
* * * ومنها أن يقال: ما معنى قوله: " معجونا بطينته الألوان المختلفة "؟
الجواب: أنه عليه السلام قد فسر ذلك بقوله: " من الحر والبرد، والبلة والجمود "، يعنى الرطوبة واليبوسة، ومراده بذلك المزاج الذي هو كيفية واحدة حاصلة من كيفيات مختلفة، قد انكسر بعضها ببعض. وقوله: " معجونا " صفة " إنسانا ". والألوان المختلفة، يعنى الضروب والفنون، كما تقول (١): في الدار ألوان من الفاكهة.
* * * ومنها أن يقال: ما المعنى بقوله: " واستأدى الملائكة وديعته لديهم "؟ وكيف كان هذا العهد والوصية بينه وبينهم؟
الجواب، أن العهد والوصية هو قوله تعالى لهم: ﴿إني خالق بشرا من طين. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين﴾ (2).
* * *