وفى الحديث الصحيح: إن الملائكة كانت تصافح عمران بن الحصين وتزوره، ثم افتقدها، فقال: يا رسول الله، إن رجالا كانوا يأتونني لم أر أحسن وجوها، ولا أطيب أرواحا منهم، ثم انقطعوا. فقال عليه السلام: " أصابك جرح فكنت تكتمه "؟ فقال:
أجل، قال: " ثم أظهرته "؟ قال: أجل، قال: " أما لو أقمت على كتمانه لزارتك الملائكة إلى أن تموت "، وكان هذا الجرح أصابه في سبيل الله.
وقال سعيد بن المسيب وغيره: الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث، ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون، والجن يتوالدون وفيهم ذكور وإناث ويموتون، والشياطين ذكور وإناث، ويتوالدون ولا يموتون حتى يموت إبليس.
وقال النبي صلى الله عليه وآله في رواية أبي ذر: " إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط (1) فما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد واضع جبهته لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الفلوات تجأرون إلى الله، والله لوددت أنى كنت شجرة تعضد " (2).
قلت: ويوشك هذه الكلمة الأخيرة أن تكون قول أبي ذر.
واتفق أهل الكتب على أن رؤساء الملائكة وأعيانهم أربعة: جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، وهو ملك الموت. وقالوا: إن إسرافيل صاحب الصور، وإليه النفخة، وإن ميكائيل صاحب النبات والمطر، وإن عزرائيل على أرواح الحيوانات، وإن جبرائيل على جنود السماوات والأرض كلها وإليه تدبير الرياح، وهو ينزل إليهم كلهم بما يؤمرون به.