الأصل ثم أسكن آدم دارا أرغد فيها عيشته، وآمن فيها محلته، وحذره إبليس وعداوته، فاغتره عدوه نفاسة عليه بدار المقام، ومرافقة الأبرار، فباع اليقين بشكه، والعزيمة بوهنه، واستبدل بالجذل وجلا، وبالاغترار ندما.
ثم بسط الله سبحانه له في توبته، ولقاه كلمة رحمته، ووعده المرد إلى جنته، فأهبطه إلى دار البلية، وتناسل الذرية.
* * * الشرح أما الألفاظ فظاهرة، والمعاني أظهر، وفيها ما يسأل عنه:
* * * فمنها أن يقال: الفاء في قوله عليه السلام: (فأهبطه) تقتضي أن تكون التوبة على آدم قبل هبوطه من الجنة!
والجواب، أن ذلك أحد قولي المفسرين، ويعضده قوله تعالى: ﴿وعصى آدم ربه فغوى. ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. قال اهبطا منها﴾ (1)، فجعل الهبوط بعد قبول التوبة.
* * * ومنها أن يقال: إذا كان تعالى قد طرد إبليس عن الجنة لما أبى السجود، فكيف توصل إلى آدم وهو في الجنة حتى استنزله عنها بتحسين أكل الشجرة له!
الجواب، أنه يجوز أن يكون إنما منع من دخول الجنة على وجه التقريب والاكرام،