القبيح، فصار الاتيان بها مع اعتبار دعاء إبليس إلى خلافها خارجا عن الحد المذكور، وداخلا في حيز التمكن الذي لو فرضنا ارتفاعه لما صح من المكلف الاتيان بالفعل، ونحن قلنا في الحد مع تمكن المكلف من الاتيان بالفعل في الحالين.
* * * ومنها أن يقال: كيف جاز للحكيم سبحانه أن يقول لإبليس: (إنك من المنظرين) إلى يوم القيامة! وهذا إغراء بالقبيح، وأنتم تمنعون أن يقول الحكيم لزيد: أنت لا تموت إلى سنة، بل إلى شهر أو يوم واحد، لما فيه من الاغراء بالقبيح، والعزم على التوبة قبل انقضاء الأمد.
والجواب، أن أصحابنا قالوا: إن البارئ تعالى لم يقل لإبليس: إني منظرك إلى يوم القيامة، وإنما قال: (إلى يوم الوقت المعلوم)، وهو عبارة عن وقت موته واخترامه، وكل مكلف من الإنس والجن منظر إلى يوم الوقت المعلوم على هذا التفسير، وإذا (1) كان كذلك لم يكن إبليس عالما أنه يبقى لا محالة، فلم يكن في ذلك إغراء له (2) بالقبيح.
فإن قلت: فما معنى قوله عليه السلام: " وإنجازا للعدة "؟ أليس معنى ذلك أنه قد كان وعده أن يبقيه إلى يوم القيامة!.
قلت: إنما وعده الانظار، ويمكن أن يكون إلى يوم القيامة، وإلى غيره من الأوقات الأوقات ولم يبين له، فهو تعالى أنجز له وعده في الانظار المطلق، وما من وقت إلا ويجوز فيه إبليس (3) أن يخترم، فلا يحصل الاغراء بالقبيح. وهذا الكلام عندنا ضعيف، ولنا فيه نظر مذكور في كتبنا الكلامية.
* * *