ومنها أن يقال: كيف كانت شبهة إبليس وأصحابه في التعزز بخلقه النار؟
الجواب، لما كانت النار مشرقة بالذات، والأرض مظلمة، وكانت النار أشبه بالنور، والنور أشبه بالمجردات، جعل إبليس ذلك حجة احتج بها في شرف عنصره على عنصر آدم عليه السلام، ولان النار أقرب، إلى، الفلك من الأرض، وكل شئ كان أقرب إلى الفلك من غيره كان أشرف، والبارئ تعالى لم يعتبر ذلك، وفعل سبحانه ما يعلم أنه المصلحة والصواب.
* * * ومنها أن يقال: كيف يجوز السجود لغير الله تعالى؟
والجواب، أنه قيل: إن السجود لم يكن إلا لله تعالى، وإنما كان آدم عليه السلام قبلة.
ويمكن أن يقال: إن السجود لله على وجه العبادة، ولغيره على وجه التكرمة، كما سجد أبو يوسف وإخوته له. يجوز أن تختلف الأحوال والأوقات في حسن ذلك وقبحه.
* * * ومنها أن يقال: كيف جاز على ما تعتقدونه من حكمة البارئ أن يسلط إبليس على المكلفين، أليس هذا هو الاستفساد الذي تأبونه وتمنعونه!
والجواب:
أما الشيخ أبو علي رحمه الله فيقول: حد المفسدة ما وقع عند الفساد، ولولاه لم يقع مع تمكن المكلف من الفعل في الحالين، ومن فسد بدعاء إبليس لم يتحقق فيه هذا الحد، لان الله تعالى علم أن كل من فسد عند دعائه، فإنه يفسد، ولو لم يدعه.
وأما أبو هاشم رحمه الله فيحد المفسدة بهذا الحد أيضا، ويقول: إن في الاتيان بالطاعة مع دعاء إبليس إلى القبيح مشقة زائدة على مشقة الاتيان بها، لو لم يدع إبليس إلى