المحدث أو عرض عليه، فإذا كان أحد هذين - السماع أو العرض - فخليق أن لا يأتي التصحيف القبيح وما أشبه ذلك من الخطأ الفاحش إن شاء الله.
وما أجدرنا أن نردد الان كلام أبي أحمد العسكري رحمه الله: (كان الناس فيما مضى يغلطون في اليسير دون الكثير، ويصحفون في الدقيق دون الجليل، لكثرة العلماء وعناية المتعلمين، فذهب العلماء وقلت العناية، فصار ما يصحفون أكثر مما يصححون، وما يسقطون أكثر مما يضبطون (1)).
2 - تقييد ما يكتبه الراوي عن شيخه، وضبطه بالشكل والنقل وبعلامات الإعجام والإهمال، وبقواعد الكتابة والمقابلة والإلحاق والتضبيب ونحو ذلك مما رسمه علماؤنا وقعدوه ودنوه في كتب علوم الحديث، ومن لطيف ما ذكروه في هذا الصدد ما تقدم عن عبد الله بن إدريس.
ولا ينقضي عجب الناظر من كثرة التقييد التي يجدها في شرح القاضي عياض رحمه الله على صحيح مسلم، وفي كتابه (مشارق الأنوار) - وكان قد استفاد ذلك من أبي علي الغساني صاحب الكتاب الأصيل الحفيل (تقييد المهمل) - وكذلك في (مطالع الأنوار) لابن قرقول، الذي يكثر النووي من النقل عنه في شرح صحيح مسلم).
وهذا نص طويل عن أبي أحمد العسكري يبين أهميته الضبط والنقط والشكل في نظر علمائنا الأقدمين، قال رحمه الله في (شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف (2)):
(وأخبرني أبي، أخبرني عسل بن ذكوان، أخبرنا الحسن بن يحيى الأسدي قال: قال علي بن المديني: مر بنا الجماز ونحن في مجلس للحديث، فقال:
يا صبيان، أنتم لا تحسنون أن تكتبوا الحديث، كيف تكتبون: أسيدا وأسيدا وأسيدا؟ قال: فكان ذلك أول ما عرفت التقييد وأخذت فيه.