التقديم عليهم مقامه، وأعلمهم أن تلك لعلي فضيلة عليهم كما كانت له صلى الله عليه وسلم فضيلة تأكيدا وبيانا لما أراد من قيام الحجة، ونفي تأويل من تأول بغير معرفة.
ولو كان ذلك من النبي عليه السلام على طريق الولاء والملك لكان العباس بذلك أولى من علي لأنه أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم منه.
وآخر الحديث [أيضا] يدل على أن ذلك لم يكن لما ذكروه من العلة وهو قوله:
" اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " وهذا كله يدل على ما قلنا [ه] من تقدمه [على الناس] في الدين، وتفضيله على العالمين، و [أن النبي صلى الله عليه وآله إنما] اختاره [لعلمه] بأنه لا يكون منه تغيير ولا تبديل، وأن حاله واحدة، متصلة عداوته بعداوة الله، وولايته بولايته، كما اتصل ذلك من النبي عليه السلام (1).
[وقد ذكرنا من مدلول الحديث ما يلفت نظركم إلى الحق] لتعلموا أن النظر في الحديث يوجب أن النبي إنما أراد بهذا الحديث إبانه علي رضي الله عنه من المؤمنين جميعا، وإعلامهم أن منزلته في التفضيل عليهم، والتقدم لهم بمنزلة عليه السلام (2).
ففكروا في هذا الحديث فما أبين دلائله، وأوضح حجته وتأكيده، وما أعجب قوته عند النظر فيه من جميع أسبابه ومعانيه.
و [فكروا أيضا في] قول عمر - له عندما سمع [من النبي صلى الله عليه وآله] هذا الحديث: بخ بخ [لك] يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
فهذا حديث يؤكد بعضه بعضا، ويشهد بشهادة واحدة، وينفي تحريف الشاكين والمقصرين، ويوجب قول أهل العلم واليقين.