[شأنه عليه السلام في حروبه مع أعدائه، ثم وصيته عليه السلام وتحريضه لأصحابه عند دنوهم من عدوهم للمناوشة والمقاتلة].
وقالوا: إنه كان رضي الله عنه لا يبدأ عدوه بقتال حتى يبدأوه، ولا يحاربهم حتى ينابؤهم، فلما ناباهم يوم صفين وأنظرهم فلم يدعوا و [لم] يرجعوا أمر مناديه فنادى في أهل الشام.
ألا إني قد استدمتكم واستأنيتكم لترجعوا إلى الحق وتنثنوا إليه، واحتججت [عليكم] بكتاب الله ودعوتكم إليه فلم تناهوا عن طغيانكم، ولم تجيبوا إلى حق. ألا وإني قد نبذت إليكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين (1).
ثم تقدم إلى مقدمته أن قفوا ولا تقدموا عليهم إقدام من يريد أن ينشب حربا، ولا تأخروا عنهم تأخر من يهاب البأس، ولا يحملنكم سبابهم [إياكم] على قتالهم قبل أن تدعوهم وتعذروا إليهم (2).
[وإنما كان يأتي بهذا وأمثاله] ليعلموا أن شأنه / 48 / وبغيته ومراده اتباع حكم الله وإصابة الحق في قتالهم.
ثم أقبل على أصحابه لما هموا بلقاء عدوهم [و] حرضهم [وهو] يقول لهم:
عباد الله اتقوا الله وغضوا الأبصار، واخفضوا الأصوات، وأقلوا الكلام، ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمحاولة والمحافظة والمعانقة والمكادمة، واثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين.
اللهم ألهمهم الصبر، وأنزل عليهم النصر، وأعظم لهم الأجر (3).