المساجد، وحربت القلوب، وتقطعت العهود، وعملت المعازف، وشربت الخمور، وركبت [ذات] الفروج السروج، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وكان السلام للمعرفة والشهادة من غير أن يستشهد [و] لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، [و] قلوبهم أمر من الصبر، وأنتن من الجيفة، والتمس طمع الدنيا، بعمل الآخرة، وتفقه (1) لغير الدين، فالنجا النجا [و] الجد الجد هربا من الناس، نعم المسكن يومئذ عبادان (2) النائم فيها كالمجاهد في سبيل الله، من رابط فيها أربعين يوما وليلة فقد أدى ما يجب عليه، ومن أشركني في رباط أربعين يوما وليلة، أشركته في صحبتي محمدا صلى الله عليه وسلم، وعلى الأخيار من آله.
ثم قال: لما رأينا التدبير (3) متصلا والتقدير معتدلا، علمنا أن للأشياء صانعا حكيما، وأستغفر الله لي ولك إذا شئت يا كميل [فانصرف].
فعلى هذه الجملة كان رضي الله عنه.
وذكر عنه أيضا، رضي الله عنه أنه قال:
إن لله خالصة من عباده، ونجباء من خلقه، وصفوة من بريته، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملكوت الأعلى، أولئك أشباه الروحانيين في الدنيا أمثالهم فينا قليل. أولئك نجباء الله من عباده وأمناؤه في بلاده، والدعاة إلى معرفته، والوسيلة إلى دينه، هيهات هيهات بعدوا وفاتوا، ووارتهم بطون الأرض وفجاجها.
على أنه لم يخل الأرض من حجة لله على خلقه، لأن لا تبطل حجج الله وبيناته.
هيهات هيهات أولئك قوم اصطفاهم الله لمعرفته، فحجبهم عن عيون خلقه،