وجاذب الشيطان قيادها حتى تمكن من بغاتها ومارقتها وناكثتها.
فهنيئا لك أبا الحسن لقد شرف ابتداؤك، وطاب منشؤك، وقوي صبرك، وعدلت سيرتك، وسخت نفسك ببذلها لربك فظفرت يدك بربح تجارتك، وقدمت على خالقك، فتلقتك بشارته وحياك بملائكته يقولون: سلام عليك تحية من الله لك بجوار المصطفى وأخيك المرتضى وحبيبك محمد قد أكرمك الله بجواره وجعلك في دار قراره وسقاك بكأسه.
اللهم فمن علينا باقتفاء آثاره والعمل بسيرته ومعاداة أعدائه، وأحشرنا في زمرته فقد جاهد فيك حق الجهاد وامتحن في حبك بمحن شداد، وقام من نصيحة الخلق في تلك الأهوال بما لم يقم به مخلوق ولم ينله طالب ولم يدركه مجتهد.
ببغضه عرف المنافق (1) وبفعله اشتد ظهر المؤمن، وبه وضحت أعلام السبل عند إحاطة الفتن، وبه بان الحق عند ارتداد الخلق، وبه قامت السنن عندما اعتورتها الشبه واللبس حتى صفي الحق من كدره، وخلصه بصفوة أعلامه، فانقطع عنه ألسن المعاندين (2) واضمحلت [منه] شبه الحائرين.
فله فضيلة البيان، والسبق في مجاهدة الأقران، سبق في فضيلة الجهاد على آيات التنزيل (3) وكشف الله به تلك الكرب عند ظهور الإسلام حتى نودي من السماء:
لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار ثم ختم الله به - مع سوابق قديمة [و] فضائل [جمة] - عند انقضاء عمره من محاربة من بغي الدين عوجا، وطغى على الإسلام فسقا وتمردا، فجاهد بيده ولسانه في إثبات حق التأويل كما جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات حق التنزيل وذلك من قوله وفعله مشهور يوم صفين [و] ليلة الهرير.