من أصحاب صفين والجمل كيف يبدأون بالبغي والنكث، ويتبعون ذلك بما هو أقبح في سيرتهم.
واجتمع أصحاب علي إليه وقالوا: قد منعنا الماء، وقد متنا عطشا. فأرسل [علي] إلى معاوية صعصعة بن صوحان، فأتاه صعصعة فقال: إن أمير المؤمنين يقول لك:
إن خيلك قد حالت بيننا وبين الماء فإن شئت صرفت عنا خيلك حتى نستقي من الماء ونرى من رأينا وترى من رأيك فيما سرنا إليه وسرت إليه.
فقال له الفاسق في كتاب الله، الوليد بن عقبة: أرى أن نقتلهم عطشا فلم تأذن لهم في شرب الماء. وجمع خيله على الماء ومنعهم منه.
فلما رأى ذلك علي بن أبي طالب أمر أصحابه بقتال القوم حتى يخلوا لهم عن الماء، فقاتلوهم حتى صار الماء في أيدي أهل الحق وانكشف عنه أهل البغي وغلب أهل الحق عليه.
فبعث إليهم معاوية [أن] خلوا عن الماء ليكون بيننا وبينكم فقال أصحاب علي:
قد طلبنا هذا منك أول مرة فأبيت علينا فأما الآن فلا.
فبلغ ذلك علي بن أبي طالب فأرسل إلى أصحابه أن خلوا بينهم وبين الماء نعدل وإن ظلم وإن بغى وإن غدر (1) وننصف وإن منع النصف، ونعفو إذا قدر [نا].
وأقبل رجل من أهل الشام يقال له: حوشب ذو ظليم وكان له قدر - إلى علي ابن أبي طالب فقال له: ألا ترى يا علي أنه قد قسم الله لك قسما حسنا فخذه بشكر:
إن لك قدما في الإسلام (2) وسابقة وقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهرا وتجربة وسببا، فإن تلق بيننا غدا فإنه لبوار العرب [كذا] وضيعة الحرمات (3) ولكن