قال ابن بطال: اختلف في استتابة المرتد فقيل يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وهو قول الجمهور، وقيل يجب قتله في الحال، جاء ذلك عن الحسن وطاوس وبه قال أهل الظاهر. قال الحافظ: واستدل ابن القصار لقول الجمهور بالإجماع يعني السكوتي لأن عمر كتب في أمر المرتد هلا حبستموه ثلاثة أيام وأطعمتموه في كل يوم رغيفا لعله يتوب فيتوب الله عليه. قال ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة كأنهم فهموا من قوله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه " أي إن لم يرجع.
وقد قال تعالى: * (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) * واختلف القائلون بالاستتابة هل يكتفي بالمرة أو لا بد من ثلاث، وهل الثلاث في مجلس أو في يوم أو في ثلاثة أيام، وعن علي يستتاب شهرا، وعن النخعي يستتاب أبدا. كذا نقل عنه مطلقا. والتحقيق أنه فيمن تكررت منه الردة انتهى.
قال المنذري: قوله قال أحدهما يريد طلحة بن يحيى وبريد بن عبد الله بن أبي بردة.
وطلحة هذا هو ابن يحيى بن عبيد الله القرشي التيمي الكوفي وهو مدني الأصل، وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة.
(أخبرنا الشيباني) هو أبو إسحاق (فدعاه) أي دعا أبو موسى ذلك المرتد إلى الإسلام (فدعاه فأبى) أي دعاه معاذ أيضا إلى الإسلام فامتنع عنه (فضرب) ضبط بصيغة المجهول والمعروف (عنقه) بالرفع والنصب (قال أبو داود رواه عبد الملك الخ) حاصله أنه روى هذا الحديث عبد الملك عن أبي بردة وكذلك رواه ابن فضيل عن الشيباني عن سعيد عنه لكنهما لم يذكرا في روايتهما الاستتابة (وما استتابه) قال الحافظ في الفتح بعد ذكر رواية المسعودي هذه:
وهذا يعارضه الرواية المثبتة لأن معاذا استتابه وهي أقوى من هذه والروايات الساكتة عنها لا تعارضها وعلى تقدير ترجيح رواية المسعودي فلا حجة فيه لمن قال يقتل المرتد بلا استتابة لأن معاذا يكون اكتفى بما تقدم من استتابة أبي موسى انتهى.