والدواب ما محصله إنه اختلفت الروايات ففي بعضها من عكل أو عرينة على الشك وفي بعضها من عكل وفي بعضها من عرينة وفي بعضها من عكل وعرينة بواو العطف وهو الصواب.
وروى أبو عوانة والطبراني عن أنس أنهم كانوا أربعة من عرينة وثلاثة من عكل قال وعكل بضم المهملة وإسكان الكاف قبيلة تيم الرباب، وعرينة بضم العين والراء المهملتين والنون مصغرا حي من قضاعة وحي من بجيلة والمراد هنا الثاني (فاجتووا المدينة من الاجتواء) أي كرهوا هواء المدينة وماءها واستوخموها ولم يوافقهم المقام بها وأصابهم الجواء (بلقاح) أي أمرهم أن يلقحوا بها، واللقاح باللام المكسورة والقاف وآخره مهملة النوق ذوات الألبان واحدها لقحة بكسر اللام وإسكان القاف قاله الحافظ (وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها) احتج به من قال بطهارة بول مأكول اللحم كمالك وأحمد وطائفة من السلف، وذهب أبو حنيفة والشافعي وجماعة إلى القول بنجاسة الأبوال والأرواث كلها من مأكول اللحم وغيره، وليس هذا موضع بسط هذه المسألة (فلما صحوا) في السياق حذف تقديره فشربوا من أبوالها وألبانها، وقد ثبت ذلك في بعض الروايات كما قال الحافظ (واستاقوا النعم) من السوق وهو السير العنيف والنعم بفتح النون والعين واحد الأنعام أي الإبل (فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم) لم يذكر المفعول في هذه.
قال الحافظ: زاد في رواية الأوزاعي " الطلب " وفي حديث سلمة بن الأكوع خيلا من المسلمين أميرهم كرز بن جابر الفهري (في آثارهم) أي عقبهم (فقطعت أيديهم وأرجلهم) قال الداودي: يعني قطع يدي كل واحد ورجليه. قال الحافظ: ترده رواية الترمذي من خلاف (وسمر أعينهم) ضبط في بعض النسخ بتشديد الميم من التسمير. وقال الحافظ في الفتح بتشديد الميم، وفي رواية أبي رجاء بتخفيف الميم انتهى. والمعنى كحلوا بأميال قد أحميت وقال الخطابي: يريد أنه أكحلهم هذه بمسامير محماة.
قال: والمشهور في أكثر الروايات: سمل أي وفقأ أعينهم كذا في مرقاة الصعود (وألقوا) بصيغة المجهول أي رموا (في الحرة) هي أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة وإنما ألقوا فيها لأنها أقرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا (يستسقون) أي يطلبون الماء أي من شدة العطش الناشئ من حرارة الشمس (فلا يسقون) بصيغة المجهول أي فلا يعطون الماء.
واستشكل القاضي عياض عدم سقيهم الماء الاجماع على أن من وجب عليه القتل