في الأقل ولم يصح أقل من ربع دينار أو ثلاثة دراهم فكان اعتبار ربع دينار أقوى من وجهين أحدهما أنه صريح في الحصر حيث ورد بلفظ لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا وسائر الأخبار الصحيحة الواردة حكاية فعل لا عموم فيها والثاني أن المعول عليه في القيمة الذهب لأنه الأصل في جواهر الأرض كلها ويؤيده ما نقل الخطابي استدلالا على أن أصل النقد في ذلك الزمان الدنانير بأن الصكاك القديمة كان يكتب فيها عشرة دراهم وزن سبعة مثاقيل فعرفت الدراهم بالدنانير وحصرت بها والله أعلم وحاصل المذاهب في القدر الذي يقطع السارق فيه يقرب من عشرين مذهبا الأول يقطع في كل قليل وكثير تافها كان أو غير تافه نقل عن أهل الظاهر والخوارج ونقل عن الحسن البصري وبه قال أبو عبد الرحمن ابن بنت الشافعي ومقابل هذا القول في الشذوذ ما نقله عياض ومن تبعه عن إبراهيم النخعي أن القطع لا يجب إلا في أربعين درهما أو أربعة دنانير وهذا هو القول الثاني الثالث مثل الأول إلا إن كان المسروق شيئا تافها لحديث عروة الماضي لم يكن القطع في شئ من التافه ولان عثمان قطع في فخارة خسيسة وقال لمن يسرق السياط لان عدتم لاقطعن فيه وقطع ابن الزبير في نعلين أخرجهما ابن أبي شيبة وعن عمر بن عبد العزيز أنه قطع في مد أو مدين الرابع تقطع في درهم فصاعدا وهو قول عثمان البتي بفتح الموحدة وتشديد المثناة من فقهاء البصرة وربيعة من فقهاء المدينة ونسبة القرطبي إلى عثمان فأطلق ظنا منه أنه الخليفة وليس كذلك الخامس في درهمين وهو قول الحسن البصري جزم به ابن المنذر عنه السادس فيما زاد على درهمين ولو لم يبلغ الثلاثة أخرجه ابن أبي شيبة بسند قوي عن أنس أن أبا بكر قطع في شئ ما يساوي درهمين وفي لفظ لا يساوي ثلاثة دراهم السابع في ثلاثة دراهم ويقوم ما عداها بها ولو كان ذهبا وهي رواية عن أحمد وحكاه الخطابي عن مالك الثامن مثله لكن إن كان المسروق ذهبا فنصابه ربع دينار وإن كان غيرهما فان بلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع به وان لم تبلغ لم يقطع ولو كان نصف دينار وهذا قول مالك عند اتباعه وهي رواية عن أحمد واحتج له بما أخرجه أحمد من طريق محمد بن راشد عن يحيى بن يحيى الغساني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة مرفوعا اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا في أدنى من ذلك قالت وكان ربع دينار قيمته يومئذ ثلاثة دراهم والمرفوع من هذه الرواية نص في أن المعتمد والمعتبر في ذلك الذهب والموقوف منه يقتضي أن الذهب يقوم بالفضة وهذا يمكن تأويله فلا يرتفع به النص الصريح التاسع مثله إلا إن كان المسروق غيرهما قطع به إذا بلغت قيمته أحدهما وهو المشهور عن أحمد ورواية عن إسحاق العاشر مثله لكن لا يكتفي بأحدهما إلا إذا كانا غالبين فإن كان أحدهما غالبا فهو المعول عليه وهو قول جماعة من المالكية وهو الحادي عشر الثاني عشر ربع دينار أو ما يبلغ قيمته من فضة أو عرض وهو مذهب الشافعي وقد تقدم تقريره وهو قول عائشة وعمرة وأبي بكر بن حزم وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي والليث ورواية عن إسحاق وعن داود ونقله الخطابي وغيره عن عمر وعثمان وعلي وقد أخرجه ابن المنذر عن عمر بسند منقطع أنه قال إذا أخذ السارق ربع دينار قطع ومن طريق عمرة أتى عثمان بسارق سرق أترجة قومت بثلاثة دراهم من حساب الدينار باثني عشر فقطع ومن طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا قطع في ربع دينار كانت قيمته درهمين ونصفا الثالث عشر أربعة
(٩٥)