في لفظه أيضا على عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فقال حجاج بن أرطاة عنه بلفظ لا قطع فيما دون عشرة دراهم وهذه الرواية لو ثبتت لكانت نصا في تحديد النصاب إلا أن حجاج بن أرطاة ضعيف ومدلس حتى ولو ثبت روايته لم تكن مخالفة لرواية الزهري بل يجمع بينهما بأنه كان أولا لا قطع فيما دون العشرة ثم شرع القطع في الثلاثة فما فوقها فزيد في تغليظ الحد كما زيد في تغليظ حد الخمر كما تقدم وأما سائر الروايات فليس فيها إلا أخبار عن فعل وقع في عهده صلى الله عليه وسلم وليس فيه تحديد النصاب فلا ينافي رواية ابن عمر الآتية أنه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وهو مع كونه حكاية فعل فلا يخالف حديث عائشة من رواية الزهري فأن ربع دينار صرفه ثلاثة دراهم وقد أخرج البيهقي من طريق بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن سليمان بن يسار عن عمرة قالت قيل لعائشة ما ثمن المجن قالت ربع دينار وأخرج أيضا من طريق بن إسحاق عن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم قال أتيت بنبطي قد سرق فبعثت إلى عمرة فقالت أي بني ان لم يكن بلغ ما سرق ربع دينار فلا تقطعه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثتني عائشة أنه قال لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا فهذا يعارض حديث بن إسحاق الذي اعتمده الطحاوي وهو من رواية بن إسحاق أيضا وجمع البيهقي بين ما اختلف في ذلك عن عائشة بأنها كانت تحدث به تارة وتارة تستفتى فتفتي واستند إلى ما أخرجه من طريق عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة ان جارية سرقت فسئلت عائشة فقالت القطع في ربع دينار فصاعدا الطريق الثاني لحديث عائشة (قوله حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبدة) هو ابن سليمان ثم قال (حدثنا عثمان حدثنا حميد بن عبد الرحمن) وقد أخرجه مسلم عن عثمان هذا قال حدثنا عبدة بن سليمان وحميد بن عبد الرحمن جمعهما وضمهما إلى غيرهما فقال كلهم عن هشام وحميد بن عبد الرحمن هذا هو الرؤاسي بضم الراء ثم همزة خفيفة ثم سين مهملة وقد أخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير عنه ونسب كذلك (قوله عن أبيه أخبرتني عائشة أن يد السارق لم تقطع الخ) وقع عند الإسماعيلي من طريق هارون بن إسحاق عن عبدة بن سليمان فيه زيادة قصة في السند ولفظه عن هشام بن عروة أن رجلا سرق قدحا فأتى به عمر بن عبد العزيز فقال هشام بن عروة قال أبي إن اليد لا تقطع في الشئ التافه ثم قال حدثتني عائشة وهكذا أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عن عبدة بن سليمان وهكذا رواه وكيع وغيره عن هشام لكن أرسله كله (قوله لم يقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الا في ثمن مجن حجفة أو ترس) المجن بكسر الميم وفتح الجيم مفعل من الاجتنان وهو الاستتار مما يحاذره المستتر وكسرت ميمه لأنه آلة في ذلك والجحفة بفتح المهملة والجيم ثم فاء هي الدرقة وقد تكون من خشب أو عظم وتغلف بالجلد أو غيره والترس مثله لكن يطارق فيه بين جلدين وقيل هما بمعنى واحد وعلى الأول أو في الخبر للشك وهو المعتمد ويؤيده رواية عبد الله بن المبارك عن هشام التي تلي رواية حميد بن عبد الرحمن بلفظ في أدنى ثمن جحفة أو ترس كل واحد منهما ذو ثمن والتنوين في قوله ثمن للتكثير والمراد أنه ثمن يرغب فيه فأخرج الشئ التافه كما فهمه عروة راوي الخبر وليس المراد ترسا بعينه ولا حجفة بعينها وانما المراد الجنس وأن القطع كان يقع في كل شئ يبلغ قدر ثمن المجن سواء كان ثمن المجن كثيرا أو قليلا والاعتماد انما هو على الأقل فيكون نصابا ولا يقطع فيما دونه ورواية أبي أسامة عن هشام جامعة
(٩٢)