وأخرجه النسائي من رواية ابن وهب عن حنظلة وحده بلفظ ثمنه ومن طريق مخلد بن يزيد عن حنظلة بلفظ قيمته فوافق الليث في قوله قيمته لكن خالف الجميع فقال خمسة دراهم وقول الجماعة ثلاثة دراهم هو المحفوظ وقد أخرجه الطحاوي من طريق عبيد الله بن عمر بلفظ قطع في مجن قيمته ومن رواية أيوب ومن رواية مالك قال مثله ومن رواية بن إسحاق بلفظ أتي برجل سرق حجفة قيمتها ثلاثة دراهم فقطعه (تنبيه) قوله قطع معناه أمر لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يباشر القطع بنفسه وقد تقدم في الباب قبله أن بلالا هو الذي باشر قطع يد المخزومية فيحتمل أن يكون هو الذي كان موكلا بذلك ويحتمل غيره وقوله قيمته قيمة الشئ ما تنتهي إليه الرغبة فيه وأصله قومة فأبدلت الواو ياء لوقوعها بعد كسره به المبيع عند البيع والذي يظهر أن المراد هنا القيمة وأن من رواه بلفظ الثمن اما تجوزا و اما ان القيمة و الثمن كانا حينئذ مستويين قال ابن دقيق العيد القيمة و الثمن قد يختلفان والمعتبر إنما هو القيمة ولعل التعبير بالثمن لكونه صادف القيمة في ذلك الوقت في ظن الراوي أو باعتبار الغلبة وقد تمسك مالك بحديث ابن عمر في اعتبار النصاب بالفضة وأجاب الشافعية وسائر من خالفه بأنه ليس في طرقه أنه لا يقطع في أقل من ذلك وأورد الطحاوي حديث سعد الذي أخرجه ابن ماجة أيضا وسنده ضعيف ولفظه لا يقطع السارق إلا في المجن قال فعلمنا أنه لا يقطع في أقل من ثمن المجن لكن اختلف في ثمن المجن ثم ساق حديث ابن عباس قال كان قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم قال فالاحتياط أن لا يقطع إلا فيما اجتمعت فيه هذه الآثار وهو عشرة ولا يقطع فيما دونها لوجود الاختلاف فيه وتعقب بأنه لو سلم في الدراهم لم يسلم في النص الصريح في ربع دينار كما تقدم إيضاحه ودفع ما أعله به والجمع بين ما اختلفت الروايات في ثمن المجن ممكن بالحمل على اختلاف الثمن والقيمة أو على تعدد المجان التي قطع فيها وهو أولى وقال ابن دقيق العيد الاستدلال بقوله قطع في مجن على اعتبار النصاب ضعيف لأنه حكاية فعل ولا يلزم من القطع في هذا المقدار عدم القطع فيما دونه بخلاف قوله يقطع في ربع دينار فصاعدا فأنه بمنطوقه يدل على أنه يقطع فيما إذا بلغ وكذا فيما زاد عليه وبمفهومه على أنه لا قطع فيما دون ذلك قال واعتماد الشافعي على حديث عائشة وهو قول أقوى في الاستدلال من الفعل المجرد وهو قوي في الدلالة على الحنفية لأنه صريح في القطع في دون القدر الذي يقولون بجواز القطع فيه ويدل على القطع فيما يقولون به بطريق الفحوى وأما دلالته على عدم القطع في دون ربع دينار فليس هو من حيث منطوقه بل من حيث مفهومه فلا يكون حجة على من لا يقول بالمفهوم (قلت) وقرر الباجي طريق الاخذ بالمفهوم هنا فقال دل التقويم على أن القطع يتعلق بقدر معلوم وإلا فلا يكون لذكره فائدة وحينئذ فالمعتمد ما ورد به النص صريحا مرفوعا في اعتبار ربع دينار وقد خالف من المالكية في ذلك من القدماء ابن عبد الحكم وممن بعدهم ابن العربي فقال ذهب سفيان الثوري مع جلالته في الحديث إلى أن القطع لا يكون إلا في عشرة دراهم وحجته أن اليد محترمة بالاجماع فلا تستباح إلا بما أجمع عليه والعشرة متفق على القطع فيها عند الجميع فيتمسك به ما لم يقع الاتفاق على ما دون ذلك وتعقب بأن الآية دلت على القطع في كل قليل وكثير وإذا اختلفت الروايات في النصاب أخذ بأصح ما ورد
(٩٤)