غطاها الخصب وهذا كله على الرواية بتشديد الميم قال ابن التين ولا يظهر للتخفيف وجه (قلت) الذي يظهر أنه من العتمة وهو شدة الظلام فوصفها بشدة الخضرة كقوله تعالى مدهامتان وضبط ابن بطال ورضة مغنمة بكسر الغين المعجمة وتشديد النون ثم نقل عن ابن دريد واد أغن ومغن إذا كثر الشجر وقال الخليل روضة غناء كثيرة العشب وفي رواية جرير بن حازم روضة خضراء وإذا فيها شجرة عظيمة (قوله من كل لون الربيع) كذا للأكثر وفي رواية الكشميهني نور بفتح النون وبراء بدل لون وهي رواية النضر بن شميل عند أبي عوانة والنور بالفتح الزهر (قوله وإذا بين ظهري الروضة) بفتح الراء وكسر الياء التحتانية تثنية ظهر وفي رواية يحيى بن سعيد بين ظهراني وهما بمعنى والمراد وسطها (قوله رجل طويل) زاد النضر قائم (قوله لا أكاد أرى رأسه طولا) بالنصب على التمييز (قوله وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط) قال الطيبي أصل هذا الكلام وإذا حول الرجل ولدان ما رأيت ولدانا قط أكثر منهم ونظيره قوله بعد ذلك لم أر روضة قط أعظم منها ولما إن كان هذا التركيب يتضمن معنى النفي جازت زيادة من وقط التي تختص بالماضي المنفى أقال بن مالك جاز استعمال قط في المثبت في هذه الرواية وهو جائز وغفل أكثرهم عن ذلك فخصوه بالماضي المنفى (قلت) والذي وجهه به الطيبي حسن جدا ووجهه الكرماني بأنه يجوز أن يكون اكتفى بالنفي الذي يلزم من التركيب إذ المعنى ما رأيتهم أكثر من ذلك أو النفي مقدر وسبق نظيره في قوله في صلاة الكسوف فصلى بأطول قيام رأيته قط (قوله فقلت لهما ما هؤلاء) في بعض الطرق ما هذا وعليهما شرح الطيبي (قوله فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة قط أعظم منها ولا أحسن قال قالا لي أرق فارتقيت فيها) في رواية أحمد والنسائي وأبي عوانة والإسماعيلي إلى دوحة بدل روضة والدوحة الشجرة الكبيرة وفيه فصعدا بي في الشجرة وهي التي تناسب الرقي والصعود (قوله فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة) اللبن بفتح اللام وكسر الموحدة جمع لبنة وأصلها ما يبنى به من طين وفي رواية جرير بن حازم فأدخلاني دارا لم أر قط أحسن منها فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وفتيان ثم أخرجاني منها فأدخلاني دارا هي أحسن منها (قوله فتلقانا فيها رجالا شطر من خلقهم) بفتح الخاء وسكون اللام بعدها قاف أي هيئتهم وقوله شطر مبتدأ وكأحسن الخبر والكاف زائد والجملة صفة رجال وهذا الاطلاق يحتمل أن يكون المراد أن نصفهم حسن كله ونصفهم قبيح كله ويحتمل ان يكون كل واحد منه نصفه حسن ونصفه قبيح والثاني هو المراد ويؤيد قولهم في صفته هؤلاء قوم خلطوا أي عمل كل منهم عملا صالحا وخلطه بعمل سئ (قوله فقعوا في ذلك النهر) بصيغة فعل الامر بالوقوع والمراد أنهم ينغمسون فيه ليغسل تلك الصفة بهذا الماء الخاص (قوله نهر معترض) أي يجري عرضا (قوله كأن ماءه المحض) بفتح الميم وسكون المهملة بعدها ضاد معجمة هو اللبن الخالص عن الماء حلوا كان أو حامضا وقد بين جهة التشبيه بقوله من البياض وفي رواية النسفي والإسماعيلي في البياض قال الطيبي كأنهم سموا اللبن بالصفة ثم استعمل في كل صاف قال ويحتمل أن يراد بالماء المذكور عفو الله عنهم أو التوبة منهم كما في الحديث اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (قوله ذهب ذلك السوء عنهم) أي صار القبيح كالشطر الحسن فلذلك قال وصاروا في أحسن صورة قوله قالا لي هذه جنة عدن يعني المدينة (قوله فسما) بفتح السين المهملة
(٣٨٨)