القيامة عذاب وفي رواية همام ومن استمع إلى حديث قوم ولا يعجبهم أن يستمع حديثهم أذيب في أذنه الآنك (قوله ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ) في رواية عباد وكذا في رواية همام ومن صور صورة عذب يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها وهذا الحديث قد اشتمل على ثلاثة أحكام أولها الكذب على المنام ثانيها الاستماع لحديث من لا يريد استماعه ثالثها التصوير وقد تقدم في أواخر اللباس من طريق النضر بن أنس عن ابن عباس حديث من صور صورة وتقدم شرحه هناك وأما الكذب على المنام فقال الطبري انما اشتد فيه الوعيد مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ قد تكون شهادة في قتل أو حد أو أخذ مال لان الكذب في المنام كذب على الله أنه أراه ما لم يره والكذب على الله أشد من الكذب على المخلوقين لقوله نعالى ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الآية وانما كان الكذب في المنام كذبا على الله لحديث الرؤيا جزء من النبوة وما كان من أجزاء النبوة فهو من قبل الله تعالى انتهى ملخصا وقد تقدم في باب قبل باب ذكر أسلم وغفار شئ من هذا في الكلام على حديث وائلة الآتي التنبيه عليه في ثاني حديثي الباب وقال المهلب في قوله كلف أن يعقد بين شعيرتين حجة للأشعرية في تجويزهم تكليف ما لا يطاق ومثله في قوله تعالى يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون وأجاب من منع ذلك بقوله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها أو حملوه على أمور الدنيا وحملوا الآية والحديث المذكورين على أمور الآخرة انتهى ملخصا والمسألة مشهورة فلا نطيل بها والحق أن التكليف المذكور في قوله كلف أن يعقد ليس هو التكليف المصطلح وانما هو كناية عن التعذيب كما تقدم وأما التكليف المستفاد من الامر بالسجود فالامر فيه على سبيل التعجيز والتوبيخ لكونهم أمروا بالسجود في الدنيا وهم قادرون على ذلك فامتنعوا فأمروا به حيث لا قدرة لهم عليه تعجيزا وتوبيخا وتعذيبا وأما الاستماع فتقدم التنبيه عليه في الاستئذان في الكلام على حديث لا يتناجى اثنان دون ثالث و قد قيد ذلك في حديث الباب لمن يكون كارها لاستماعه فأخرج من يكون راضيا وأما من جهل ذلك فيمتنع حسما للمادة وأما الوعيد على ذلك بصب الآنك في أذنه فمن الجزاء من جنس العمل والآنك بالمد وضم النون بعدها كاف الرصاص المذاب وقيل هو خالص الرصاص وقال الداودي هو القصدير وقال ابن أبي جمرة انما سماه حلما ولم يسمه رؤيا لأنه ادعى أنه رأى ولم ير شيئا فكان كاذبا والكذب انما هو من الشيطان وقد قال أن الحلم من الشيطان كما مضى في حديث أبي قتادة وما كان من الشيطان فهو غير حق فصدق بعض الحديث بعضا قال ومعنى العقد بين الشعيرتين أن يفتل إحداهما بالأخرى وهو مما لا يمكن عادة قال ومناسبة الوعيد المذكور للكاذب في منامه وللمصور أن الرؤيا خلق من خلق الله وهي صورة معنوية فأدخل بكذبه صورة لم تقع كما أدخل المصور في الوجود صورة ليست بحقيقية لان الصورة الحقيقية هي التي فيها الروح فكلف صاحب الصورة اللطيفة أمرا لطيفا وهو الاتصال المعبر عنه بالعقد بين الشعيرتين وكلف صاحب الصورة الكثيفة أمرا شديدا وهو أن يتم ما خلقه بزعمه بنفخ الروح ووقع وعيد كل منهما بأنه يعذب حتى يفعل ما كلف به وهو ليس بفاعل فهو كناية عن تعذيب كل منهما على الدوام قال والحكمة في هذا الوعيد الشديد أن الأول كذب على جنس النبوة وأن الثاني
(٣٧٥)