وأطلقوه في كل شئ عظيم في نفسه وقد وقع في رواية عقل المشار إليه ينزع نزع ابن الخطاب وفي رواية أبي يونس فلم أر نزع رجل قط أقوى منه (قوله حتى ضرب الناس بعطن) بفتح المهملتين وآخره نون هو ما يعد للشرب حول البئر من مبارك الإبل والمراد بقوله ضرب أي ضربت الإبل بعطن بركت والعطن للإبل كالوطن للناس لكن غلب على مبركها حول الحوض ووقع في رواية أبي بكر بن سالم عند أبي بكر بن أبي شيبة حتى روى الناس وضربوا بعطن ووقع في رواية همام فلم يزل ينزع حتى تولى الناس والحوض يتفجر وفي رواية أبي يونس ملآن ينفجر قال القاضي عياض ظاهر هذا الحديث أن المراد خلافة عمر وقيل هو لخلافتهما معا لان أبا بكر جمع شمل المسلمون أولا بدفع أهل الردة وابتدأت الفتوح في زمانه ثم عهد إلى عمر فكثرت في خلافته الفتوح واتسع أمر الاسلام واستقرت قواعده وقال غيره معنى عظم الدلو في يد عمر كون الفتوح كثرت في زمانه ومعنى استحالت انقلبت عن الصغر إلى الكبر وقال النووي قالوا هذا المنام مثال لما جرى للخليفتين من ظهور آثارهما الصالحة وانتفاع الناس بهما وكل ذلك مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه صاحب الامر فقام به أكمل قيام وقرر قواعد الدين ثم خلفه أبو بكر فقاتل أهل الردة وقطع دابرهم ثم خلفه عمر فاتسع الاسلام في زمنه فشبه أمر المسلمين بقليب فيه الماء الذي فيه حياتهم وصلاحهم وشبه بالمستقى لهم منها وسقيه هو قيامه بمصالحهم وفي قوله ليريحني إشارة إلى خلافة أبي بكر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لان في الموت راحة من كدر الدنيا وتعبها فقام أبو بكر بتدبير أمر الأمة ومعاناة أحوالهم وأما قوله وفي نزعة ضعف فليس فيه حط من فضيلته وانما هو إخبار عن حاله في قصر مدة ولايته وأما ولاية عمر فإنها لما طالت كثر انتفاع الناس بها واتسعت دائرة الاسلام بكثرة الفتوح وتمصير الأمصار وتدوين الدواوين وأما قوله والله يغفر له فليس فيه نقص له ولا إشارة إلى أنه وقع منه ذنب وانما هي كلمة كانوا يقولونها يدعمون بها الكلام وفي الحديث إعلام بخلافتهما وصحة ولا يتهما وكثرة الانتفاع بهما فكان كما قال وقال ابن العربي ليس المراد بالدلو التقدير الدال على قصر الحظ بل المراد التمكن من البئر وقوله في الرواية المذكورة بدلو بكرة فيه إشارة إلى صغر الدلو قبل أن يصير غربا وأخرج أبو ذر الهروي في كتاب الرؤيا من حديث ابن مسعود نحو حديث الباب لكن قال في آخره فعبرها يا أبا بكر قال إلى الامر بعدك ويليه بعدي عمر قال كذلك عبرها الملك وفي سنده أيوب بن جابر وهو ضعيف وهذه الزيادة منكرة وقد ورد هذا الحديث من وجه آخر بزيادة فيه فأخرج أحمد وأبو داود واختاره الضياء من طريق أشعث بن عبد الرحمن الجرمي عن أبيه عن سمرة بن جندب ان رجلا قال يا رسول الله رأيت كأن دلوا دل من السماء فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شربا ضعيفا ثم جاء عمر فأخذ بعرافيها فشرب حتى تضلع ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ثم جاء على فأخذ بعراقيها فانتشطت وانتضح عليه منها شئ وهذا يبين أن المراد بالنزع الضعيف والنزع القوى الفتوح والغنائم وقوله دلى بضم المهملة وتشديد اللام أي أرسل إلى أسفل وقوله بعراقيها أي بكسر المهملة وفتح القاف خشبتان تجعلان على فم الدلو متخالفتان لربط الدلو وقوله تضلع بالضاد المعجمة أي ملا اضلاعه كناية عن الشبع وقوله انتشطت بضم المثناة وكسر المعجمة بعدها طاء مهملة أي نزعت منه فاضطربت وسقط بعض
(٣٦٤)