عبد الله بن أبي بكر بن الحرث بن هشام رفعه لا يحل أن يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد وله شاهد آخر عن أبي هريرة عند ابن ماجة ستأتي الإشارة إليه (قوله لا يجلد) بضم أوله بصيغة النفي ولبعضهم بالجزم ويؤيده ما وقع في الرواية التي بعدها بصيغة النهي لا تجلدوا (قوله فوق عشرة أسواط) في رواية يحيى بن أيوب وحفص بن ميسرة فوق عشرة جلدات وفي رواية علي ابن إسماعيل بن حماد المشار إليها لا عقوبة فوق عشر ضربات (قوله إلا في حد من حدود الله) ظاهره أن المراد بالحد ما ورد فيه من الشارع عدد من الجلد أو الضرب مخصوص أو عقوبة مخصوصة والمتفق عليه من ذلك أصل الزنا والسرقة وشرب المسكر والحرابة والقذف بالزنا والقتل والقصاص في النفس والأطراف والقتل في الارتداد واختلف في تسمية الأخيرين حدا واختلف في أشياء كثيرة يستحق مرتكبها العقوبة هل تسمى عقوبته حدا أو لا وهي جحد العارية واللواط واتيان البهيمة وتحميل المرأة الفحل من البهائم عليها والسحاق وأكل الدم والميتة في حال الاختيار ولحم الخنزير وكذا السحر والقذف بشرب الخمر وترك الصلاة تكاسلا والفطر في رمضان والتعريض بالزنا وذهب بعضهم إلى أن المراد بالحد في حديث الباب حق الله وقال ابن دقيق العيد بلغني أن بعض العصريين قرر هذا المعنى بأن تخصيص الحد بالمقدرات المقدم ذكرها أمر اصطلاحي من الفقهاء وأن عرف الشرع أول الأمر كان يطلق الحد على كل معصية كبرت أو صغرت وتعقبه ابن دقيق العيد أنه خروج عن الظاهر ويحتاج إلى نقل والأصل عدمه قال ويرد عليه أنا إذا أجزنا في كل حق من حقوق الله أن يزاد على العشر لم يبقى لنا شئ يختص المنع به لان ما عدا الحرمات التي لا يجوز فيها الزيادة هو ليس بمحرم وأصل التعزير أنه لا يشرع فيما ليس بمحرم فلا يبقى بخصوص الزيادة معنى (قلت) والعصري المشار إليه أظنه ابن تيمية وقد تقلد صاحبه ابن القيم المقالة المذكورة فقال الصواب في الجواب أن المراد بالحدود هنا الحقوق التي هي أوامر الله ونواهيه وهي المراد بقوله ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون وفي أخرى فقد ظلم نفسه وقال تلك حدود الله فلا تقربوها وقال ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا قال فلا يزاد على العشر في التأديبات التي لا تتعلق بمعصية كتأديب الأب ولده الصغير (قلت) ويحتمل أن يفرق بين مراتب المعاصي فما ورد فيه تقدير لا يزاد عليه وهو المستثنى في الأصل وما لم يرد فيه تقدير فإن كان كبيرة جازت الزيادة فيه وأطلق عليه اسم الحد كما في الآيات المشار إليها والتحق بالمستثنى وإن كان صغيرة فهو المقصود بمنع الزيادة فهذا يدفع إيراد الشيخ تقي الدين على العصري المذكور إن كان ذلك مراده وقد أخرج ابن ماجة من حديث أبي هريرة بالتعزير بلفظ لا تعزروا فوق عشرة أسواط وقد اختلف السلف في مدلول هذا الحديث فأخذ بظاهره الليث وأحمد في المشهور عنه وإسحاق وبعض الشافعية وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة تجوز الزيادة على العشر ثم اختلفوا فقال الشافعي لا يبلغ أدنى الحدود وهل الاعتبار بحد الحر والعبد قولان وفي قول أو وجه يستنبط كل تعزير من جنس حده ولا يجاوزه وهو مقتضى قول الأوزاعي لا يبلغ به الحد ولم يفصل وقال الباقون هو إلى رأي الامام بالغا ما بلغ وهو اختيار أبي ثور وعن عمر أنه كتب إلى أبي موسى لا تجلد في التعزير أكثر من عشرين وعن عثمان ثلاثين وعن عمر أنه بلغ بالسوط
(١٥٧)