مائة وكذا عن ابن مسعود وعن مالك وأبي ثور وعطاء لا يعزر إلا من تكرر منه ومن وقع منه مرة واحدة معصية لا حد فيها فلا يعزر وعن أبي حنيفة لا يبلغ أربعين وعن ابن أبي ليلى وأبي يوسف لا يزاد على خمس وتسعين جلدة وفي رواية عن مالك وأبي يوسف لا يبلغ ثمانين وأجابوا عن الحديث بأجوبة منها ما تقدم ومنها قصره على الجلد وأما الضرب بالعصا مثلا وباليد فتجوز الزيادة لكن لا يجاوز أدنى الحدود وهذا رأي الإصطخري من الشافعية وكأنه لم يقف على الرواية الواردة بلفظ الضرب ومنها أنه منسوخ دل على نسخه إجماع الصحابة ورد بأنه قال به بعض التابعين وهو قول الليث بن سعد أحد فقهاء الأمصار ومنها معارضة الحديث بما هو أقوى منه وهو الاجماع على أن التعزير يخالف الحدود وحديث الباب يقتضي تحديده بالعشر فما دونها فيصير مثل الحد وبالاجماع على أن التعزير موكول إلى رأي الامام فيما يرجع إلى التشديد والتخفيف لامن حيث العدد لان التعزير شرع للردع ففي الناس من يردعه الكلام ومنهم من لا يردعه الضرب الشديد فلذلك كان تعزير كل أحد بحسبه وتعقب بأن الحد لا يزاد فيه ولا ينقص فاختلفا وبأن التخفيف والتشديد مسلم لكن مع مراعاة العدد المذكور وبأن الردع لا يراعى في الافراد بدليل أن من الناس لا يردعه الحد ومع ذلك لا يجمع عندهم بين الحد والتعزير فلو نظر إلى كل فرد لقيل بالزيادة على الحد أو الجمع بين الحد والتعزير ونقل القرطبي أن الجمهور قالوا بما دل عليه حديث الباب وعكسه النووي وهو المعتمد فإنه لا يعرف القول به عن أحد من الصحابة واعتذر الداودي فقال لم يبلغ مالكا هذا الحديث فكان يرى العقوبة بقدر الذنب وهو يقتضي أن لو بلغه ما عدل عنه فيجب على من بلغه أن يأخذ به الحديث الثاني حديث النهي عن الوصال والغرض منه قوله فواصل بهم كالمنكل بهم قال ابن بطال عن المهلب فيه أن التعزير موكول إلى رأى الامام لقوله لو امتد الشهر لزدت فدل على أن للامام أن يزيد في التعزير ما يراه وهو كما قال لكن لا يعارض الحديث المذكور لأنه ورد في عدد من الضرب أو الجلد فيتعلق في شئ محسوس وهذا يتعلق بشئ متروك وهو الامساك عن المفطرات والألم في يرجع إلى التجويع والتعطيش وتأثيرهما في الاشخاص متفاوت جدا والظاهر أن الذين واصل بهم كان لهم اقتدار على ذلك في الجملة فأشار إلى أن ذلك لو تمادى حتى ينتهي إلى عجزهم عنه لكان هو المؤثر في زجرهم ويستفاد منه أن المراد من التعزير ما يحصل به الردع وذلك ممكن في العشر بأن يختلف الحال في صفة الجلد أو الضرب تخفيفا وتشديدا والله أعلم نعم يستفاد منه جواز التعزير بالتجويع ونحوه من الأمور المعنوية (قوله تابعه شعيب ويحي بن سعيد ويونس عن الزهري وقال عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب) أي تابعوا عقيلا في قوله عن أبي سلمة وخالفهم عبد الرحمن بن خالد فقال سعيد بن المسيب (قلت) فاما متابعة شعيب فوصلها المؤلف في كتاب الصيام وأما متابعة يحيى بن سعيد وهو الأنصاري فوصلها الذهلي في الزهريات وأما متابعة يونس وهو بن يزيد فوصلها مسلم من طريق ابن وهب عنه وأما رواية عبد الرحمن بن خالد فسيأتي الكلام عليها في كتاب الأحكام وذكر الإسماعيلي أن أبا صالح رواه عن الليث عن عبد الرحمن المذكور فجمع فيه بين سعيد وأبي سلمة قال وكذا رواه عبد الرحمن بن نمر عن الزهري بسنده إليه كذلك انتهى وقد تقدم شرح هذا الحديث في كتاب الصيام
(١٥٨)