فتح الباري - ابن حجر - ج ١٢ - الصفحة ١١
الميت من قبل صلب لأنهن إناث قال وسبب الاشكال من وجهين أحدهما أنه لما كان مخفوضا ظن نعتا لرجل ولو كان مرفوعا لم يشكل كأن يقال فوارثه أولى رجل ذكر والثاني أنه جاء بلفظ أفعل وهذا الوزن إذا أريد به التفضيل كان بعض ما يضاف إليه كفلان أعلم انسان فمعناه أعلم الناس فتوهم أن المراد بقوله أولى رجل أولى الرجال وليس كذلك وإنما هو أولى الميت بإضافة النسب وأولى صلب بإضافته كما تقول هو أخوك أخو الرخاء لا أخو البلاء قال فالأولى في الحديث كالولي فان قيل كيف يضاف للواحد وليس بجزء منه فالجواب إذا كان معناه الأقرب في النسب جازت إضافته وان لم يكن جزءا منه كقوله صلى الله عليه وسلم في البر بر أمك ثم أباك ثم أدناك قال وعلى هذا فيكون في هذا الكلام الموجز من المتانة وكثرة المعاني ما ليس في غيره فالحمد لله الذي وفق وأعان انتهى كلامه ولا يخلو من استغلاق وقد لخصه الكرماني فقال ذكر صفة لاولى لا لرجل والأولى بمعنى القريب الأقرب فكأنه قال فهو لقريب الميت ذكر من جهة رجل وصلب لا من جهة بطن ورحم فالأولى من حيث المعنى مضاف إلى الميت وأشير بذكر الرجل إلى الأولوية فأفاد بذلك نفي الميراث عن الأولى الذي من جهة الام كالخال وبقوله ذكر نفيه عن النساء بالعصوبة وان كن من المدلين للميت من جهة الصلب انتهى وقد أوردته كما وجدته ولم أحذف منه إلا أمثلة أطال بها وكلمات طويلة تبجح بها بسبب ما ظهر له من ذلك والعلم عند الله تعالى قال النووي أجمعوا على أن الذي يبقى بعد الفروض للعصبة يقدم للأقرب فالأقرب فلا يرث عاصب بعيد مع عاصب قريب والعصبة كل ذكر يدلى بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت أنثى فمتى انفرد أخذ جميع المال وإن كان مع ذوي فروض غير مستغرقين أخذ ما بقي وإن كان مع مستغرقين فلا شئ له قال القرطبي وأما تسمية الفقهاء الأخت مع البنت عصبة فعلى سبيل التجوز لأنها لما كانت في هذه المسألة تأخذ ما فضل عن البنت أشبهت العاصب قلت وقد ترجم البخاري بذلك كما سيأتي قريبا قال الطحاوي استدل قوم يعني ابن عباس ومن تبعه بحديث ابن عباس على أن من خلف بنتا وأخا شقيقا وأختا شقيقة كان لابنته النصف وما بقي لأخيه ولا شئ لأخته ولو كانت شقيقة وطردوا ذلك فيما لو كان مع الأخت الشقيقة عصبة فقال لا شئ لها مع البنت بل الذي يبقى بعد البنت للعصبة ولو بعدوا واحتجوا أيضا بقوله تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك قالوا فمن أعطى الأخت مع البنت خالف ظاهر القرآن قال واستدل عليهم بالاتفاق على أن من ترك بنتا وابن ابن وبنت ابن متساويين أن للبنت النصف وما بقي بين ابن الابن وبنت الابن ولم يخصوا ابن الابن بما بقي لكونه ذكرا بل ورثوا معه شقيقته وهي أنثى قال فعلم بذلك أن حديث ابن عباس ليس على عمومه بل هو في شئ خاص وهو ما إذا ترك بنتا وعما وعمة فان للبنت النصف وما بقي للعم دون العمة إجماعا قال فاقتضى النظر ترجيح إلحاق الأخت مع الأخ بالابن والبنت لا بالعم والعمة لان الميت لو لم يترك إلا أخا وأختا شقيقتين فالمال بينهما فكذلك لو ترك ابن ابن وبنت ابن بخلاف ما لو ترك عما وعمة فان المال كله للعم دون العمة باتفاقهم قال وأما الجواب عما احتجوا به من الآية فهو أنهم أجمعوا على أن الميت لو ترك بنتا وأخا لأب كان للبنت النصف وما بقي للأخ وأن معنى قوله تعالى ليس له ولد انما هو ولد يحوز المال كله لا الولد الذي لا يحوز وأقرب العصبات البنون ثم بنوهم وإن سفلوا ثم الأب ثم الجد والأخ إذا
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست