بأمر المسلمين فجعلوا له قدر كفايته ثم قال السبكي لا يعترض بأن عمر كان فضل عائشة في العطاء لأنه علل ذلك بمزيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لها (قلت) وهذا ليس مما بدأ به لان قسمة عمر كانت من الفتوح وأما ما يتعلق بحديث الباب ففيما يتعلق بما خلفه النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يبدأ منه بما ذكر وأفاد رحمه الله أنه يدخل في لفظ نفقة نسائي كسوتهن وسائر اللوازم وهو كما قال ومن ثم استمرت المساكن التي كن فيها قبل وفاته صلى الله عليه وسلم كل واحدة باسم التي كانت فيه وقد تقدم تقرير ذلك في أول فرض الخمس وإذا انضم قوله إن الذي تخلفه صدقة إلى أن آله تحرم عليهم الصدقة تحقق قوله لا نورث وفي قول عمر يريد نفسه إشارة إلى أن النون في قوله نورث للمتكلم خاصة لا للجمع وأما ما اشتهر في كتب أهل الأصول وغيرهم بلفظ نحن معاشر الأنبياء لا نورث فقد أنكره جماعة من الأئمة وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ نحن لكن أخرجه النسائي من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد بلفظ إنا معاشر الأنبياء لا نورث الحديث أخرجه عن محمد بن منصور عن ابن عيينة عنه وهو كذلك في مسند الحميدي عن ابن عيينة وهو من أتقن أصحاب ابن عيينة فيه وأورده الهيثم بن كليب في مسنده من حديث أبي بكر الصديق باللفظ المذكور وأخرجه الطبراني في الأوسط بنحو اللفظ المذكور وأخرجه الدارقطني في العلل من رواية أم هانئ عن فاطمة عليها السلام عن أبي بكر الصديق بلفظ إن الأنبياء لا يورثون قال ابن بطال وغيره ووجه ذلك والله أعلم أن الله بعثهم مبلغين رسالته وأمرهم أن لا يأخذوا على ذلك أجرا كما قال قل لا أسألكم عليه أجرا وقال نوح وهود وغيرهما نحو ذلك فكانت الحكمة في أن لا يورثوا لئلا يظن أنهم جمعوا المال لوارثهم قال وقوله تعالى وورث سليمان داود حمله أهل العلم بالتأويل على العلم والحكمة وكذا قول زكريا فهب لي من لدنك وليا يرثني وقد حكى ابن عبد البر أن للعلماء في ذلك قولين وأن الأكثر على أن الأنبياء لا يورثون وذكر أن ممن قال بذلك من الفقهاء إبراهيم بن إسماعيل بن علية ونقله عن الحسن البصري عياض في شرح مسلم وأخرج الطبري من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله تعالى حكاية عن زكريا واني خفت الموالي قال العصبة ومن قوله وهب لي من لدنك وليا يرثني قال يرث مالي ويرث من آل يعقوب النبوة ومن طريق قتادة عن الحسن نحوه لكن لم يذكر المال ومن طريق مبارك بن فضالة عن الحسن رفعه مرسلا رحم الله أخي زكريا ما كان عليه من يرث ماله (قلت) وعلى تقدير سليم القول المذكور فلا معارض من القرآن لقول نبينا عليه الصلاة والسلام لا نورث ما تركنا صدقة فيكون ذلك من خصائصه التي أكرم بها بل قول عمر يريد نفسه يؤيد اختصاصه بذلك وأما عموم قوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم الخ فأجيب عنها بأنها عامة فيمن ترك شيئا كان يملكه وإذا ثبت أنه وقفه قبل موته فلم يخلف ما يورث عنه فلم يورث وعلى تقدير أنه خلف شيئا مما كان يملكه فدخوله في الخطاب قابل للتخصيص لما عرف من كثرة خصائصه وقد اشتهر عنه أنه لا يورث فظهر تخصيصه بذلك دون الناس وقيل الحكمة في كونه لا يورث حسم المادة في تمني الوارث موت المورث من أجل المال وقيل لكون النبي كالأب لامته فيكون ميراثه للجميع وهذا معنى الصدقة العامة وقال ابن المنير في الحاشية يستفاد من الحديث ان من قال داري صدقة لا تورث أنها تكون حبسا ولا يحتاج إلى التصريح بالوقف أو الحبس وهو حسن لكن هل يكون
(٦)