مقاعد للقتال إلى قوله آمنة نعاسا (قوله وقول الله تعالى وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم) وقوله غدوت أي خرجت أول النهار والعامل في إذ مضمر تقديره واذكر إذ غدوت وقوله تبوئ المؤمنين أي تنزلهم وأصله من المآب وهو المرجع والمقاعد جمع مقعد والمراد به مكان القعود وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال غدا نبي الله من أهله يوم أحد يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ومن طريق مجاهد والسدي وغيرهما نحوه ومن طريق الحسن أن ذلك كان يوم الأحزاب ووهاه (قوله ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) الأصل توهنوا فحذفت الواو والوهن الضعف يقال وهن بالفتح يهن بالكسر في المضارع وهذا هو الأفصح ويستعمل وهن لازما ومتعديا قال تعالى وهن العظم منى وفي الحديث وهنتهم حمى يثرب والأعلون جمع أعلا وقوله إن كنتم مؤمنين محذوف الجواب وتقديره فلا تهنوا ولا تحزنوا وأخرج الطبري من طريق مجاهد في قوله ولا تهنوا أي لا تضعفوا ومن طريق الزهري قال كثر في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم القتل والجراح حتى خلص إلى كل امرئ منهم نصيب فاشتد حزنهم فعزاهم الله أحسن تعزية ومن طريق قتادة نحوه قال فعزاهم وحثهم على قتال عدوهم ونهاهم عن العجز ومن طريق ابن جريج قال في قوله ولا تهنوا أي لا تضعفوا في أمر عدوكم ولا تحزنوا في أنفسكم فإنكم أنتم الأعلون قال والسبب فيها أنهم لما تفرقوا ثم رجعوا إلى الشعب قالوا ما فعل فلان ما فعل فلان فنعى بعضهم بعضا وتحدثوا بينهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل فكانوا في هم وحزن فبينما هم كذلك إذ علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقهم فثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله وعلا المسلمون الخيل والتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلوا الجبل عليهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم لا يعلون علينا فأنزل الله تعالى ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون (قوله وقوله تعالى ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم تستأصلونهم قتلا بإذنه الآية إلى قوله والله ذو فضل على المؤمنين) أخرج الطبري من طريق السدى وغيره أن المراد بالوعد قوله صلى الله عليه وسلم للرماة إنكم ستظهرون عليهم فلا تبرحوا من مكانكم حتى آمركم وقد ذكر المصنف قصة الرماة في هذا الباب وسأذكر شرحها إن شاء الله تعالى ومن طريق قتادة ومجاهد في قوله إذ تحسونهم أي تقتلونهم وقول المصنف في تفسير تحسونهم تستأصلونهم هو كلام أبي عبيدة وأخرج الطبري من طريق السدي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم للرماة إنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم وكان أول من برز طلحة بن عثمان فقتل ثم حمل المسلمون على المشركين فهزموهم وحمل خالد بن الوليد وكان في خيل المشركين على الرماة فرموه بالنبل فانقمع ثم ترك الرماة مكانهم ودخلوا العسكر في طلب الغنيمة فصاح خالد في خيله فقتل من بقي من الرماة منهم أميرهم عبد الله بن جبير ولما رأى المشركون خيلهم ظاهرة تراجعوا فشدوا على المسلمين فهزموهم وأثخنوا فيهم في القتل وقوله حتى إذا فشلتم أي جبنتم وتنازعتم في الامر أي اختلفتم وحتى حرف جر وهي متعلقة بمحذوف أي دام لكم ذلك إلى وقت فشلكم ويجوز أن تكون ابتدائية داخلة على الجملة الشرطية وجوابها محذوف وقوله ثم صرفكم
(٢٦٨)