اختلاف الحديث - الإمام الشافعي - الصفحة ٤٨٣
قال البصريون فيما أخذوا به من الحديث دونكم ودون غيركم والكوفيون سواكم فيما أخذوا به من الحديث دونكم ودون غيركم فنسبوا من خالف حديثا أخذوا به عن رسول الله إلى الجهل إذا جهله وقالوا كان عليه أن يتعلمه وإلى البدعة إذا عرفه فتركه وهكذا كل أهل بلد فيها علم فوجدت أقاويل من حفظت عنه من أهل الفقه كلها مجتمعة على عيب من خالف الحديث المنفرد فلو لم يكن في تثبيت الحديث المنفر إلا ما وصفت من هذا كان تثبيته من أقوى حجة في طريق الخاصة لتتابع أهل العلم من أهل البلدان عليها وقلت له سمعت من أهل الكلام من يسرف و يحتج في عيب من خالفه منكم بأن يأخذ من خالفه منكم بحديث ويترك مثله لان ذلك عنده داخل في معناه وذلك كما قال فقال هذا كما وصفت والحجة بهذا ثابتة لكل من صحح الاخذ بالحديث ولم يخالفه على من أخذ ببعض وترك بعضا ولكن من أصحابنا من ذهب إلى شئ من التأويل فما الحجة عليه؟ قلت فسنذكر من التأويل إن شاء الله ما يدل على أن الحجة فيه وما سلك فيه سالك طريقا خالف الحق عندنا كان أشبه أن يشتبه على كل من يسمعه منك من أصحابك لأنكم قلتم ولكم علم بمذاهب الناس وبيان العقول وكلمته وغيره ممن سلك طريقه فيما تأولوا ورأيتهم غلطوا فيه وخلطوا بوجوه شتى أمثل مما حضرني منها مثالا يدل على ما وراءها إن شاء الله ونسأل الله العصمة والتوفيق (قال الشافعي) أبان الله جل ثناؤه لخلقه أنه أنزل كتابه بلسان نبيه وهو لسان قومه العرب فخاطبهم بلسانهم على ما يعرفون من معاني كلامهم وكانوا يعرفون من معاني كلامهم أنهم يلفظون بالشئ عاما يريدون به العام وعاما يريدون به الخاص ثم دلهم على ما أراد من ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه وأبان لهم أن ما قبلوا عن نبيه فعنه جل ثناؤه قبلوا بما فرض من طاعة رسوله في غير موضع من كتابه منها " من يطع الرسول فقد أطاع الله " وقوله " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " قال وقد اختصرت من تمثيل ما يدل الكتاب على أنه نزل من الاحكام عاما أريد به العام وكتبته في كتاب غير هذا وهو الظاهر من علم القرآن وكتبت معه غيره مما أنزل عاما يراد الخاص وكتبت في هذا الكتاب مما نزل عام الظاهر ما دل الكتاب على أن الله أراد به الخاص لإبانة الحجة على من تأول ما رأيناه مخالفا فيه طريق من رضينا مذهبه من أهل العلم بالكتاب والسنة من ذلك قال الله جل ثناؤه " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " الآية وقال " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " فكان ظاهر مخرج هذا عاما على كل مشرك فأنزل الله " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " فدل أمر الله جل ثناؤه بقتال المشركين من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية على أنه إنما أراد بالآيتين اللتين أمر فيهما بقتال المشركين حيث وجدوا حتى يقيموا الصلاة وأن يقاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله من خالف أهل الكتاب من المشركين وكذلك دلت سنة رسول الله على قتال أهل الأوثان حتى يسلموا وقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية فهذا من العام الذي دل الله على أنه إنما أراد به الخاص لا أن واحدة من الآيتين ناسخة للأخرى لان لاعمالهما معا وجها بأن كان كل أهل الشرك صنفين صنف أهل الكتاب وصنف غير أهل الكتاب ولهذا في القرآن نظائر وفى السنن مثل هذا قال والناسخ. من القرآن الامر ينزله الله من بعد الامر يخالفه كما حول القبلة قال " فلنولينك قبلة ترضاها " وقال " سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " وأشباه له كثيرة في غير موضع قال ولا ينسخ كتاب الله إلا كتابه لقول الله " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " وقوله " وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاختلاف من جهة المباح 488
2 باب القراءة في الصلاة 488
3 باب في التشهد 488
4 باب في الوتر 489
5 باب سجود القرآن 489
6 باب القصر والاتمام في السفر في الخوف وغير الخوف 490
7 باب الخلاف في ذلك 491
8 باب الفطر والصوم في السفر 492
9 باب قتل الأسارى والمفاداة بهم والمن عليهم 494
10 باب الماء في الماء 495
11 باب الخلاف في أن الغسل لا يجب إلا بخروج الماء 495
12 باب التيمم 496
13 باب صلاة الامام جالسا ومن خلفه قياما 497
14 باب صوم يوم عاشوراء 498
15 باب الطهارة بالماء 499
16 باب الساعات التي تكره فيها الصلاة 503
17 باب الخلاف في هذا الباب 505
18 باب أكل الضب 508
19 باب المجمل والمفسر 509
20 باب الخلاف بيمن تؤخذ منه الجزية وفيمن دان دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن 511
21 باب في المرور بين يدي المصلى 512
22 باب خروج النساء إلى المساجد 513
23 باب غسل الجمعة 515
24 باب نكاح البكر 516
25 باب النجش 517
26 باب في بيع الرجل على بيع أخيه 517
27 بيع الحاضر للبادي 518
28 باب تلقى السلع 518
29 باب عطية الرجل لولده 519
30 باب بيع المكاتب 519
31 باب الضحايا 521
32 باب المختلفات التي يوجد على ما يوجد منها دليل على غسل القدمين ومسحهما 521
33 باب الاسفار والتغليس بالفجر 522
34 باب رفع الأيدي في الصلاة 523
35 باب الخلاف فيه 523
36 باب صلاة المنفرد 525
37 باب المختلفات التي يوجد على ما يؤخذ منها دليل على صلاة الخوف 526
38 باب صلاة كسوف الشمس والقمر 527
39 باب الخلاف في ذلك 527
40 باب من أصبح جنبا في شهر رمضان 528
41 باب الحجامة للصائم 529
42 باب نكاح المحرم 530
43 باب ما يكره في الربا من ا لزيادة في البيوع 531
44 باب من أقيم عليه حد في شئ أربع مرات ثم عاد له 531
45 باب لحوم الضحايا 532
46 باب العقوبات في المعاصي 533
47 باب نكاح المتعة 534
48 باب الخلاف في نكاح المتعة 534
49 باب في الجنائز 535
50 باب في الشفعة 535
51 باب في بكاء الحي على الميت 537
52 باب استقبال القبلة للغائط والبول 538
53 باب الصلاة في الثوب ليس على عاتق المرء منه شئ 539
54 باب الكلام في الصلاة 539
55 باب الخلاف في الكلام في الصلاة ساهيا 540
56 باب القنوت في الصلوات كلها 542
57 باب الطيب للاحرام 542
58 باب الخلاف في تطيب المحرم للاحرام 543
59 باب ما يأكل المحرم من الصيد 544
60 باب خطبة الرجل على خطبة أخيه 545
61 باب الصوم لرؤية الهلال والفطر له 546
62 باب نفى الولد 547
63 باب في طلاق الثلاث المجموعة 549
64 باب طلاق الحائض 550
65 باب بيع الرطب باليابس من الطعام 551
66 باب الخلاف في العرايا 552
67 باب بيع الطعام 553
68 باب المصراة (الخراج بالضمان) 554
69 باب الخلاف في المصراة 555
70 باب كسب الحجام 556
71 باب الدعوى والبينات 557
72 باب الخلاف في هذه الأحاديث 559
73 باب المختلفات التي لا يثبت بعضها من مات ولم يحج أو كان عليه نذر 561
74 باب المختلفات التي لا يثبت بعضها من أعتق شركا له في عيد 562
75 باب الخلاف في هذا الباب 562
76 باب قتل المؤمن بالكافر 564
77 باب الخلاف في قتل المؤمن بكافر 565
78 باب جرح العجماء جبار 566
79 باب المختلفات التي عليها دلالة 567