السفر " ليس من البر أن تصوموا في السفر " * أخبرنا مالك عن سمى مولى أبى بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول الله أن النبي أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر وقال " تقووا للعدو " وصام النبي قال أبو بكر قال الذي حدثني لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب فوق رأسه الماء من العطش أو من الحر فقيل يا رسول الله إن طائفة من الناس قد صاموا حين صمت فلما كان رسول الله بالكديد دعا بقدح فشرب فأفطر الناس * أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس معه فقيل له يا رسول الله إن الناس قد شق عليهم الصيام فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأفطر بعض الناس وصام بعضهم فبلغه أن ناسا صاموا فقال " أولئك العصاة " * وفى حديث الثقة غير الدراوردي عن جعفر عن أبيه عن جابر فخرج رسول الله عام الفتح في رمضان إلى مكة فصام وأمر الناس أن يفطروا وقال " تقووا بعددكم على عدوكم " فقيل له إن الناس أبوا أن يفطروا حين صمت فدعا بقدح من ماء فشربه ثم ساق الحديث * أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن حميد عن أنس بن مالك قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم * أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن حمزة بن عمر والأسلمي قال يا رسول الله أصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام فقال رسول الله " إن شئت فصم وإن شئت فأفطر " (قال الشافعي) رحمه الله فقال قائل من أهل الحديث ما تقول في صوم شهر رمضان والواجب غيره والتطوع في السفر والمرض؟ قلت أحب صوم شهر رمضان في السفر والمرض إن لم يكن يجهد المريض ويزيد في مرضه والمسافر فيخاف منه المرض فلهما معا الرخصة فيه قال فما تقول في قصر الصلاة في السفر وإتمامها؟ فقلت قصرها في السفر والخوف رخصة في الكتاب والسنة وقصرها في السفر بلا خوف رخصة في السنة أختارها وللمسافر إتمامها فقال أما قصر الصلاة فبين أن الله إنما جعله رخصة لقول الله " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " فلما كان إنما جعل لهم أن يقصروا خائفين مسافرين فهم إذا قصروا مسافرين بما ذكرت من السنة أولى أن يكون القصر رخصة لا حتما أن يقصروا لان قول الله " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم إن يفتنكم الذين كفروا " رخصة بينة وظاهر الآية في صوم أن الفطر في المرض والسفر عزم لقول الله " ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " كيف لم تذهب إلى أن الفطر عزم وأنه لا يجزى شهر رمضان من صام مريضا أو مسافرا مع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " ليس من البر الصيام في السفر " ومع أن الآخر من أمر رسول الله ترك الصوم وأن عمر أمر رجلا صام في السفر أن يقضى الصيام قال فحكيت له قلت في قول الله " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من من أيام أخر " أنها آية واحدة وأن ليس من أهل العلم بالقرآن أحد يخالف في أن الآية الواحدة كلام واحد وأن الكلام الواحد لا ينزل إلا مجتمعا وإن نزلت الآيتان في السورة مفترقتين لان معنى الآية معنى قطع الكلام قال أجل قلت فإذا صام رسول الله في شهر رمضان وفرض شهر رمضان إنما أنزل في الآية أليس قد علمنا أن الآية بفطر المريض والمسافر رخصة؟ قال بلى فقلت له ولم يبق شئ يعرض في نفسك إلا الأحاديث؟ قال نعم ولكن الآخر من أمر رسول الله أليس الفطر قال فقلت له الحديث يبين أن رسول الله لم يفطر لمعنى نسخ الصوم ولا اختبار الفطر على الصوم ألا ترى أنه يأمر الناس بالفطر ويقول " تقووا لعدوكم " ويصوم ثم يخبر بأنهم أو أن بعضهم أبى أن يفطر إذ صام فأفطر ليفطر من تخلف عن الفطر لصومه بفطره كما صنع عام الحديبية فإنه أمر الناس أن ينحروا ويحلقوا فأبوا
(٤٩٣)