صلى الله عليه وسلم قال فاذكره قلت أخبرنا عبد الله بن الحرث عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو ابن دينار عن ابن عباس أن النبي قضى باليمين مع الشاهد وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان عن معاذ ابن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النبي مثله قال ما سمعته قبل ذكرك الآن قلت أنثبت نحن وأنت مثله؟ قال نعم قلت فلزمك أن ترجع إليه قال فأردها من وجه آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " البينة على من ادعى واليمين على المدعى عليه " وقد كتبت هذا في الأحاديث الجمل والمفسرة وكلمته فيه بما علم من حضر بأنه لم يحتج فيه بشئ وقد وصفت في كتابي هذا المواضع التي غلط فيها بعض من عجل بالكلام في العلم قبل خبرته وأسأل الله التوفيق والحديث عن رسول الله كلام عربي ما كان منه عام المخرج عن رسول الله كما وصفت في القرآن يخرج عاما وهو يراد به العام ويخرج عاما وهو يراد به الخاص والحديث عن رسول الله على عمومه وظهوره حتى تأتى دلالة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أراد به خاصا دون عام ويكون الحديث العام المخرج محتملا معنى الخصوص بقول عوام أهل العلم فيه أو من حمل الحديث سماعا عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى يدل على أن رسول الله أراد به خاصا دون عام ولا يجعل الحديث العام المخرج عن رسول الله خاصا بغير دلالة ممن لم يحمله ويسمعه لأنه يمكن فيهم جملة أن لا يكونوا علموه ولا بقول خاصة لأنه يمكن فيهم جهله ولا يمكن فيمن علمه وسمعه ولا في العامة جهل ما سمع وجاء عن رسول الله وكذلك لا يحتمل الحديث زيادة ليست فيه دلالة بها عليه وكلما احتمل حديثان أن يستعملا معا استعملا معا ولم يعطل واحد منها الآخر كما وصفت في أمر الله بقتال المشركين حتى يؤمنوا وما أمر به من قتال أهل الكتاب من المشركين حتى يعطوا الجزية وفى الحديث ناسخ ومنسوخ: كما وصفت في القبلة المنسوخة باستقبال المسجد الحرام فإذا لم يحتمل الحديثان إلا الاختلاف كما اختلفت القبلة نحو بيت المقدس والبيت الحرام كان أحدهما ناسخا والآخر منسوخا ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر عن رسول الله (1) أو بقول أو بوقت يدل على أن أحدهما بعد الآخر فيعلم أن الآخر هو الناسخ أو بقول من سمع الحديث أو العامة كما وصفت أو بوجه آخر لا يبين فيه الناسخ والمنسوخ وقد كتبته في كتابي وما ينسب إلى الاختلاف من الأحاديث ناسخ ومنسوخ فيصار إلى الناسخ دون المنسوخ ومنها ما يكون اختلافا في الفعل من جهة أن الامرين مباحان كاختلاف القيام والقعود وكلاهما مباح ومنها ما يختلف ومنها ما لا يخلوا من أن يكون أحد الحديثين أشبه بمعنى كتاب الله أو أشبه بمعنى سنن النبي صلى الله عليه وسلم مما سوى الحديثين المختلفين أو أشبه بالقياس فأي الأحاديث المختلفة كان هذا فهو أولاهما عندنا أن يصار إليه ومنها ما عده بعض من ينظر في العلم مختلفا بأن الفعل فيه اختلف أو لم يختلف الفعل فيه إلا باختلاف حكمه أو اختلف الفعل فيه بأنه مباح فيشبه أن يعمل به بأنه القائل به ومنها ما جاء جملة وآخر مفسرا وإذا جعلت الجملة على أنها عامة عليه رويت بخلاف المفسر وليس هذا اختلافا إنما هذا مما وصفت من سعة لسان العرب وأنها تنطق بالشئ منه عاما تريد به الخاص وهذان يستعملان معا وقد أوضحت من كل صنف من هذا ما يدل على ما في مثل معناه إن شاء الله وجماع هذا أن لا يقبل إلا حديث ثابت كما لا يقبل من الشهود إلا من عرف عدله فإذا كان الحديث مجهولا أو مرغوبا عمن حمله كان كما لم يأت لأنه ليس بثابت.
(٤٨٧)