عمل؟ قال: الايمان عمل كله، والقول بعض ذلك العمل بفرض من الله بينه في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته، يشهد به الكتاب ويدعو إليه.
قلت: صف لي ذلك حتى افهمه. فقال: إن الايمان (42) حالات ودرجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهي تمامه، ومنه الناقص المنتهي نقصانه، ومنه الزائد الراجح زيادته. قلت: وإن الايمان ليتم ويزيد وينقص؟ قال:
نعم. قلت: وكيف ذلك؟ قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح بني آدم، وقسمه عليها، وفرقه عليها، فليس من جوارحهم جارحة الا وهي موكلة من الايمان بغير ما وكلت به أختها.
فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم، وهو أمير بدنه، الذي لا تورد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره.
ومنها يداه اللتان يبطش بهما، ورجلاه اللتان يمشي بهما، وفرجه الذي الباه من قبله، ولسانه الذي ينطق به الكتاب، ويشهد به عليها، وعيناه اللتان يبصر بهما، وأذناه اللتان يسمع بهما.
وفرض على القلب غير ما فرض على اللسان، وفرض على اللسان غير ما فرض على العينين، وفرض على العينين غير ما فرض على السمع، وفرض على السمع غير ما فرض على اليدين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه.
فاما ما فرض على القلب من الايمان: فالاقرار والمعرفة والتصديق والتسليم والعقد والرضا بان لا اله إلا الله وحده لا شريك له، أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وان محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله.