ورجل [ثالث] سمع رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] يقول قولا فوهم فيه (9) فلو علم أنه وهم فيه لما حدث عنه ولا عمل به.
ورجل [رابع] لم يكذب [ولم يهم] (10) ولم يغب، حدث بما سمع، وعمل به (11).
(9) أي أخطأ فيه وسها، والفعل من باب (وجل). وقيل: إنه من باب (وعد).
(10) ما بين المعقوفين قد سقط من النسخة، ولا بد منه، وفي نهج البلاغة:
(وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يهم، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص، فحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام، فوضع كل شئ موضعه، وعرف المتشابه ومحكمه).
(11) وبعده في تذكرة الخواص هكذا: (فأما الأول فلا اعتبار بروايته، ولا يحل الأخذ عنه، وأما الباقون فينزعون إلى غاية، ويرجعون إلى نهاية، ويستقون من قليب واحد، وكلامهم أشرق بنور النبوة ضياؤه، ومن الشجرة المباركة اقتبست ناره).
أقول: وهذا السياق مختص برواية صاحب التذكرة ومغاير لما في الطرق الأخر وقد وهم الراوي - أو الكاتب - ولم يتحفظ على كلام أمير المؤمنين قطعا، وذلك لأن السؤال وقع عمن يصح الأخذ منه من الرواة ومن لا يصح، فكيف يجاب عن هذا السؤال بأن الكاذب على رسول الله لا يجوز الأخذ منه، وأما من حفظ عن رسول الله الحديث المتضمن للحكم المنسوخ - مع عدم علم الراوي بنسخه - وكذا من حفظ عن رسول الله حديثا فوهم فيه وتخيل أن المأمور به منهي عنه أو عكسه أو زاد في الحديث ما ليس منه أو نقص منه، وكذا من تحفظ على الحكم كما وكيفا، يصح الأخذ منهم لأن كلامهم يستقي من قليب واحد، وضياؤه من نور النبوة.
سبحان الله كيف يمكن أن يقول عاقل: بأن من وهم في الحكم مثل من ضبطه كلامهما من قليب واحد!!!
وكيف يمكن أن يقال بأن الحكم المنسوخ - الذي نفد ضياؤه بانتهاء مدته - مثل الحكم الثابت الذي له ضياء دائم وشعشعة أبدية، يجوز الأخذ بهما لأن ضياءهما من نور النبوة!!! وأين الضياء للحكم المنسوخ الذي انطفأ ضوؤه كي يقرن مع الحكم الدائم المستقر الضوء؟! وما فائدة الأخذ بالحكم المنسوخ، والحكم الذي وهم فيه الراوي كي يعلل الأخذ بهما بهذا التعليل؟ ويفرق بينهما وبين الحكم المكذوب على صاحب الشريعة مع أنهما في بعض مصاديقهما من أفراد الحكم المكذوب!!!
والظاهر أن البلاء من الشعبي أراد أن يروج بضاعة من تصدي للرواية في قبال باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!!!.