رحمته ونجاك من الهلكة وسهل سبيلك على العقبة وأيم الله أنها لعقبة كؤود شديد أمرها صعب مسلكها عظيم بلاؤها قديم في الزبر الأولى ذكرها ولقد كانت منكم في أيام الماضي (عليه السلام) إلى أن مضى لسبيله وفي أيامي هذه امور كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي ولا مسددي التوفيق فاعلم يقينا، يا إسحاق انه من خرج من هذه الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا، يا إسحاق ليس تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وذلك قول الله في محكم كتابه حكاية عن الظالم إذ يقول (رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) وأي آية أعظم من حجة الله على خلقه وأمينه في بلاده وشهيده على عباده من بعد من سلف من آبائه الأولين النبيين وآبائه الآخرين الوصيين عليهم أجمعين السلام ورحمة الله وبركاته فأين يتاه بكم وأين تذهبون كالأنعام على وجوهكم عن الحق تصدفون وبالباطل تؤمنون وبنعمة الله تكفرون أو تكونون ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم ومن غيركم إلا خزي في الحياة الدنيا وطول عذاب في الآخرة الباقية وذلك والله الخزي العظيم ان الله بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليكم بل رحمة منه لا اله إلا هو عليكم ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم لتسابقوا إلى رحمة الله وللتفاضل منازلكم في جنته ففرض عليكم الحج والعمرة واقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية وجعل لكم بابا تستفتحون به أبواب الفرائض ومفتاحا إلى سبيله لولا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأوصياء من ولده لكنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرائض وهل تدخل مدينة إلا من بابها فلما من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم قال الله في كتابه (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ففرض عليكم لأوليائه حقوقا أمركم بأدائها ليحل لكم ماوراءكم من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشاربكم قال الله
(٢١٢)