كتابه (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) أغفلت ذكر من مضى من اسنانك واقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب انظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه أم هل تراهم ذكرت خيرا أهملوه وعلمت شيئا جهلوه بل حظيت بما حل من حالك في صدور العامة وكلفهم بك، إذ صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك ان أحللت أحلوا وان حرمت حرموا وليس ذلك عندك ولكن أظهرهم عليك رغبتهم فيما لديك ذهاب علمائهم وغلبة الجهل عليك وعليهم وحب الرئاسة وطلب الدنيا منك ومنهم أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة وما الناس فيه من البلاء والفتنة قد ابتليتهم وفتنتهم بالشغل عن مكاسبهم مما رأوا فتاقت نفوسهم إلى أن يبلغوا من العلم ما بلغت أو يدركوا به مثل الذي أدركت فوقعوا منك في بحر لا يدرك عمقه وفي بلاء لا يقدر قدره فالله لنا ولك وهو المستعان اما بعد فاعرض عن كل ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في اسمالهم لاصقة بطونهم بظهورهم ليس بينهم وبين الله حجاب ولا تفتنهم الدنيا ولا يفتنون بها رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ مع كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك فكيف يسلم الحدث في سنه الجاهل في علمه المافون في رأيه المدخول في عقله انا لله وإنا اليه راجعون على من المعول وعند من المستعتب نشكو إلى الله بثنا وما نرى فيك ونحتسب عند الله مصيبتنا بك فانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا وكيف اعظامك لمن جعلك بدينه في الناس جميلا وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيرا وكيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا ذليلا ما لك لا تنتبه من نعستك وتستقيل من عثرتك فتقول والله ما قمت لله واحدا أحييت به له دينا أو أمت له فيه باطلا فهذا شكرك من استحملك ما أخوفني أن تكون كمن قال الله تعالى في كتابه (أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) استحملك كتابه واستودعك علمه فاضعتها فنحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به والسلام (1).
(١٩٦)